بِأَعْمَالِهِمْ، يَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ كَلَمْحِ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، ثُمَّ كَأَسْرَعِ الْبَهَائِمِ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَجِيئ الرَّجُلُ سَعْيًا، حَتَّى يَجِيئَ الرَّجُلُ مَشْيًا، حَتَّى يَجِيئَ آخِرُهُمْ رَجُلٌ يَتَكَفَّأُ عَلَى بَطْنِهِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَبْطَأْتَ بِي، فَيَقُولُ: إِنَّمَا أَبْطَأَ بِكَ عَمَلُكَ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ فِي الشَّفَاعَةِ، فَيَكُونُ أَوَّلُ شَافِعٍ جِبْرِيلُ، ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ، ثُمَّ مُوسَى، أَوْ قَالَ عِيسَى، ثُمَّ يَقُومُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَابِعًا لا يَشْفَعُ أَحَدٌ بَعْدَهُ فِيمَا يَشْفَعُ فِيهِ، وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وَعَدَهُ اللَّهُ " عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا "، فَلَيْسَ مِنْ نَفْسٍ إِلا تَنْظُرُ إِلَى بَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ وَبَيْتٍ فِي النَّارِ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَسْرَةِ، فَيَرَى أَهْلُ النَّارِ الْبَيْتَ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ: لَوْ عَمِلْتُمْ، وَيَرَى أَهْلُ الْجَنَّةِ الْبَيْتَ الَّذِي فِي النَّارِ، فَيُقَالُ: لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ يَشْفَعُ الْمَلائِكَةُ، وَالنَّبِيُّونَ، وَالشُّهَدَاءُ، وَالصَّالِحُونَ الْمُؤْمِنُونَ، فَيُشَفِّعُهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ أَكْثَرَ مِمَّا أَخْرَجَ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ بِرَحْمَتِهِ حَتَّى مَا يَتْرُكُ فِيهَا أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ " إِلَى قَوْلِهِ: " وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ "، قَالَ: تَرَوْنَ فِي هَؤُلاءِ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، لا وَمَا يَتْرُكُ فِيهَا أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لا يُخْرِجَ مِنْهَا أَحَدًا غَيْرَ وَجُوهِهِمْ، وَأَلْوَانِهِمْ، فَيَجِيئُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَشْفَعُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يَا فُلانُ، أَنَا فُلانٌ، فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ، فَيَقُولُونَ: " رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ " فَيَقُولُ: " اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ "، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ أُطْبِقَتْ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ بَشَرٌ".