﴿قيماً﴾ أي: مستقيماً، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح القاف وكسر الياء مشدّدة والباقون بكسر القاف وفتح الباء مخففة على أنه مصدر نعت به وكان قياسه قوماً فاعل لإعلال فعله كالقيام، وقوله تعالى: ﴿ملة إبراهيم﴾ عطف بيان لديناً إذ الملة بالكسر لدين وإن فرق بينهما بأن الملة لا تضاف إلا إلى النبيّ الذي تستند إليه، والدين لا تختص إضافته بذلك، وقوله تعالى: ﴿حنيفاً﴾ حال من إبراهيم أي: مائلاً من الضلالة إلى الاستقامة والعرب تسمي كل مرجح أو اختتن حنيفاً تنبيهاً على أنه دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: ﴿وما كان﴾ إبراهيم ﷺ ﴿من المشركين﴾ ردّ على كفار قريش لأنهم يزعمون أنهم على دين إبراهيم فأخبر الله تعالى أنّ إبراهيم لم يكن من المشركين.
﴿قل﴾ يا محمد ﴿إنّ صلاتي ونسكي﴾ أي: عبادتي من حج وغيره ﴿ومحياي ومماتي﴾ أي: وما أنا عليه في حياتي وأموت عليه من الإيمان والطاعة أو طاعات الحياة والخيرات المضافة إلى الممات كالوصية والتدبير أو الحياة والممات أنفسهما، وقرأ نافع: ومحياي بسكون الياء بخلاف عن ورش إجراء للوصل مجرى الوقف والباقون بالفتح، وفتح الياء من مماتي نافع وسكنها الباقون ﴿رب العالمين﴾.
﴿لا شريك له﴾ في ذلك ﴿وبذلك﴾ أي: وبهذا التوحيد ﴿أمرت وأنا أوّل المسلمين﴾ أي: من هذه الأمّة لأنّ إسلام كل نبيّ مقدّم على إسلام أمّته، وقرأ نافع بمد أنا قبل الهمزة المفتوحة وقالون بالمدّ والقصر لأنها عنده مدّ منفصل والباقون لا مدّ أصلاً.
﴿قل﴾ يا محمد لهؤلاء الكفار من قومك ﴿أغير الله أبغي﴾ أي: أطلب ﴿رباً﴾ أي: إلهاً فأشركه في عبادتي وهذا جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم والهمزة للإنكار أي: منكر أن أبغي رباً غيره ﴿وهو رب كل شيء﴾ فكل من دونه مربوب ليس في الوجود من له الربوبية غيره كما قال تعالى: ﴿قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون﴾ (الزمر، ٦٤)
(١٥/٢٨٧)


الصفحة التالية
Icon