﴿وكم من قرية أهلكناها﴾ أي: أهلكنا أهلها، وقيل: لا يحتاج إلى تقدير مضاف لأنّ القرية تهلك كما يهلك أهلها وإنما يقدّر في فجاءها لأجل قوله تعالى: ﴿أو هم قائلون﴾ وكم خبرية مفعول أهلكنا وهي للتكثير والإهلاك على حقيقته أو يقدّر أردنا إهلاكها لقوله تعالى: ﴿فجاءها﴾ أي: أهلها ﴿بأسنا﴾ أي: عذابنا فإنّ مجيء البأس قبل الإهلاك فتقدر الإرادة، وقيل: الإهلاك الخذلان وعلى هذا فلا حاجة إلى تقدير ﴿بياتاً﴾ أي: وقت الاستكان في البيوت ليلاً كما جاء قوم لوط عليه السلام ﴿أو هم قائلون﴾ أي: نائمون وقت القائلة وهي نصف النهار أو مستريحون من غير نوم كما أهلكنا قوم شعيب عليه السلام أي: مرّة جاءها ليلاً ومرّة نهاراً وإنما خص هذين الوقتين لأنهما وقت دعة واستراحة فيكون مجيء العذاب فيهما أفظع، وفي هذا وعيد وتخويف للكفار كأنه قيل: لا تغتروا بأسباب الأمن والراحة فإنّ عذاب الله إذا نزل نزل دفعة واحدة.
﴿فما كان دعواهم﴾ أي: قولهم ﴿إذ جاءهم بأسنا﴾ أي: عذابنا ﴿إلا أن قالوا﴾ أي: إلا قولهم ﴿إنا كنا ظالمين﴾ أي: فيما كنا عليه حيث لم نتبع ما أنزل إلينا من ربنا وذلك حين لا ينفعهم الاعتراف.
﴿فلنسئلنّ الذين أرسل إليهم﴾ أي: المرسل إليهم وهم الأمم يسألهم الله تعالى عن قبول الرسالة وإجابتهم الرسل ﴿ولنسئلن المرسلين﴾ أي: عما أجيبوا به كما قال تعالى ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم﴾ (المائدة، ١٠٩)
وقيل: نسأل المرسلين عن الإبلاغ والمراد من هذا السؤال توبيخ الكفرة وتقريعهم والمنفي في قوله تعالى: ﴿ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون﴾ (القصص، ٧٨)
سؤال الاستعلام الأوّل في موقف الحساب، وهذا عند حصولهم على العقوبة.
﴿فلنقصنّ عليهم﴾ أي: الرسل والمرسل إليهم ﴿بعلم﴾ لنخبرنهم عن علم بما فعلوه باطناً وظاهراً وبما قالوه سراً وعلانية ﴿وما كنا غائبين﴾ عنهم فيخفى علينا شيء من أحوالهم وأقوالهم.
(١٥/٢٩١)


الصفحة التالية
Icon