﴿الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً﴾ وهو ما زيّن لهم الشيطان من تحريم البحيرة والتصدية حول البيت وسائر الخصال الذميمة التي كانوا يفعلونها في الجاهلية، وقيل: كانوا إذا دعوا إلى الإيمان سخروا ممن دعاهم وهزؤوا به، واللهو هو صرف الهمّ بما لا يحسن أن يصرف له واللعب طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب به ﴿وغرّتهم الحياة الدنيا﴾ أي: وخدعهم عاجل ما هم فيه من رغد العيش والدعة وشغلهم ما هم فيه من ذلك عن الإيمان بالله ورسوله ومن الأخذ بنصيبهم في الآخرة حتى أتتهم المنية وهم على ذلك والغرّة غفلة في اليقظة وهو طمع الإنسان في طول العمر وحسن العيش وكثرة المال، وقيل: الجاه ونيل الشهوات فإذا حصل له ذلك صار محجوباً عن الدين وطلب الخلاص لأنه غريق في الدنيا بلذاته وما هو فيه من ذلك ولما وصفهم الله تعالى بهذه الصفات الذميمة قال: ﴿فاليوم﴾ أي: يوم القيامة ﴿ننساهم﴾ أي: نتركهم في النار ونعرض عنهم فلا نجيب دعاءهم ولا نرحم ضعفهم ﴿كما نسوا لقاء يومهم هذا﴾ أي: كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا كفعل الناسين فلم يخطر ببالهم ولم يهتموا له وأعرضوا عن الإيمان فقابل الله تعالى جزاء نسيانهم بالنسيان على المجاز لأنّ الله تعالى لا ينسى شيئاً فهو كقوله تعالى: ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾ (الشورى، ٤٠)
﴿وما كانوا بآياتنا يجحدون﴾ أي: وما كانوا منكرين أنها من عند الله تعالى.
(١٥/٣٢٩)
﴿ولقد جئناهم﴾ أي: هؤلاء الكفار ﴿بكتاب﴾ أي: قرآن أنزلناه عليك يا محمد ﴿فصلناه﴾ أي: بينا معانيه من العقائد والأحكام والمواعظ مفصلة ﴿على علم﴾ أي: عالمين وجه تفصيله، وقوله تعالى: ﴿هدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ أي: به حال من منصوب فصلناه كما أنّ على علم حال من مرفوعه.
(١٥/٣٣٠)