﴿ولا تفسدوا في الأرض﴾ أي: بالشرك والمعاصي ﴿بعد إصلاحها﴾ أي: ببعث الرسل وشرع الأحكام، وقيل: لا تفسدوا في الأرض فيمسك الله المطر ويهلك الحرث بمعاصيكم وعلى هذا فمعنى قوله تعالى: ﴿بعد إصلاحها﴾ أي: بعد إصلاح الله تعالى إياها بالمطر والخصب ﴿وادعوه خوفاً﴾ منه ومن عذابه ﴿وطمعاً﴾ أي: فيما عنده من مغفرته وثوابه، وقال ابن جريج: خوف العدل وطمع الفضل ﴿إنّ رحمت الله قريب من المحسنين﴾ أي: المطيعين، وفي ذلك ترجيح الطمع وتنبيه على ما يتوسل به إلى الإجابة وتذكير قريب المخبر به عن رحمة لإضافتها إلى الله تعالى، وقال سعيد بن جبير: الرحمة ههنا الثواب فرجع النعت إلى المعنى دون اللفظ، وقيل: إنّ تأنيث الرحمة ليس بحقيقي وما كان كذلك جاز فيه التذكير والتأنيث عند أهل اللغة، وقيل: ذكره للفرق بين القريب من النسب والقريب من غيره حيث يجب التأنيث في الأوّل فيقال فيه: فلانة قريبة مني ويجوز في الثاني فيقال: فلانة قريبة وقريب مني في المكان وكون الرحمة قريباً من المحسنين لأنّ الإنسان في كل ساعة من الساعات في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة، وإذا كان كذلك كان الموت أقرب إليه من الحياة وليس بينهم وبين رحمة الله التي هي الثواب في الآخرة إلا الموت وهو قريب من الإنسان.
فائدة: رحمت تكتب بالتاء المجرورة فوقف عليها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالهاء والباقون بالتاء وأمالها الكسائي في الوقف، وقوله تعالى:
(١٥/٣٣٨)