﴿والبلد الطيب﴾ أي: والأرض الكريمة التربة السهلة السمحة ﴿يخرج نباته بإذن ربه﴾ أي: بمشيئته وتيسيره عبر به عن كثرة النبات وحسنه وغزارة نفعه لأنها وقعت في مقابلة ﴿والذي خبث﴾ أي: والبلد الذي خبث أرضه فهي سبخة ﴿لا يخرج﴾ نباته ﴿إلا نكداً﴾ أي: عسراً بمشقة وكلفة قال المفسرون: وهذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر فشبه المؤمن بالأرض الطيبة وشبه نزول القرآن على قلبه بنزول المطر على الأرض الطيبة فإذا نزل المطر عليها أخرجت أنواع الأزهار والأثمار فكذلك المؤمن إذا سمع القرآن آمن به وانتفع به وظهر منه الطاعات والعبادات وأنواع الأخلاق الحميدة وشبه الكافر بالأرض الرديئة الغليظة السبخة التي لا ينتفع بها وإن أصابها المطر فكذلك الكافر إذا سمع القرآن لا ينتفع به ولا يصدّقه ولا يزيده إلا عتواً وكفراً وإن عمل الكافر حسنة في الدنيا كانت بمشقة وكلفة ولا ينتفع بها في الآخرة، وقيل: هو مثل ضربه الله تعالى لآدم وذريته كلهم منهم طيب ومنهم خبيث ﴿كذلك﴾ أي: كما بينا ما ذكر ﴿نصرّف﴾ أي: نبين ﴿الآيات﴾ الدالة على التوحيد والإيمان آية بعد آية وحجة بعد حجة ﴿لقوم يشكرون﴾ نعمة الله تعالى فيتفكرون فيها ويعتبرون بها وإنما خص الشاكرين بالذكر لأنهم هم الذين ينتفعون بسماع القرآن.
ولما ذكر الله تعالى في الآيات المتقدّمة دلائل آثار قدرته الدالة على توحيده وربوبيته وأقام الأدلة القاطعة على صحة البعث بعد الموت أتبع ذلك بقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما جرى لهم مع أممهم فقال:
(١٥/٣٤٢)


الصفحة التالية
Icon