﴿أو عجبتم﴾ الهمزة للإنكار والواو للعطف على محذوف أي: أكذبتم وعجبتم ﴿أن جاءكم﴾ أي: من أن جاءكم ﴿ذكر﴾ أي: موعظة ﴿من ربكم على رجل﴾ أي: على لسان رجل ﴿منكم﴾ أي: من جنسكم أو من جملتكم تعرفون نسبه وذلك أنهم كانوا يتعجبون من نبوّة نوح عليه السلام ويقولون: ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين يعنون إرسال البشر ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة ﴿لينذركم﴾ أي: لأجل أن ينذركم عاقبة الكفر والمعاصي ﴿ولتتقوا﴾ أي: ولأجل أن تتقوا الله ﴿ولعلم ترحمون﴾ بالتقوى إن وجدت منكم لأنّ المقصود إرسال الرسل الإنذار والمقصود من الإنذار التقوى عن كل ما لا ينبغي والمقصود بالتقوى الفوز بالرحمة في الدار الآخرة وفائدة حرف الترجي التنبيه على أن التقوى غير موجبة والرحمة من الله تعالى محض تفضيل وأن المتقي ينبغي أن لا يعتمد على تقواه ولا يأمن من عذاب الله.
﴿فكذبوه﴾ أي: نوحاً ﴿فأنجيناه والذين﴾ آمنوا به ﴿معه﴾ من الغرق وكانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة، وقيل: تسعة بنوه الثلاثة سام وحام ويافث وستة ممن آمن به، وقوله تعالى: ﴿في الفلك﴾ متعلق بمعه كأنه قيل: والذين استقرّوا معه في الفلك أو صحبوه في الفلك أو بأنجيناه أي: أنجيناهم في السفينة من الطوفان ﴿وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا﴾ بالطوفان ﴿إنهم كانوا قوماً عمين﴾ أي: عمي القلوب عن الحق غير مستبصرين يقال: رجل عم في البصيرة وأعمى في البصر وأنشدوا قول زهير:

*وأعلم علم اليوم والأمس قبله ولكنني عن علم ما في غد عم*
(١٥/٣٤٦)


الصفحة التالية
Icon