﴿فأنجيناه﴾ أي: هوداً ﴿والذين معه﴾ أي: من المؤمنين ﴿برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا﴾ أي: استأصلناهم وقوله تعالى: ﴿وما كانوا مؤمنين﴾ عطف على كذبوا. روي أنّ قوم هود كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله تعالى إليهم هوداً فكذبوا وازدادوا عتواً فأمسك الله تعالى القطر عنهم ثلاث سنين حتى جهدوا وكان الناس حينئذ مسلمهم وكافرهم إذا نزل بهم بلاء توجهوا إلى البيت الحرام وطلبوا من الله تعالى الفرج فجهزوا إلى الحرم قيل بن عنز ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم وكان بمكة إذ ذاك العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام وسيدهم معاوية بن بكر فلما قدموا عليه وهو بظاهر مكة أنزلهم وأكرمهم وكانوا أخواله وأصهاره فلبثوا عنده شهراً يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان قينتان له وكان اسم إحداهما وردة والأخرى جرادة فتسميتهما جرادتين فيه تغليب والقينة الأمة مغنية أو غير مغنية فلما رأى ذهولهم باللهو عما بعثوا له أهمه ذلك واستحى أن يكلمهم فيه مخافة أن يظنوا به ثقل مقامهم عليه فذكر ذلك للقينتين فقالتا: قل شعراً نغنيهم به ولا يدرون من قاله فعلم القينتين معاوية:
*ألا يا قل ويحك قم فهينم*
والهينمة الصوت الخفي أي: أخف الدعاء.
*لعل الله يمنحنا غماما
والغمام هنا المطر.

*فيسقي أرض عاد إن عاداً قد أمسوا لا يبينون الكلاما*
*من العطش الشديد فليس نرجو به الشيخ الكبير ولا الغلاما*
(١٥/٣٥٣)


الصفحة التالية
Icon