(١٥/٣٥٩)
بتقديم الحاء المهملة مثل التفسح وهو أن تفرج بين رجليها فيحلبون ما شاؤا حتى تمتلىء أوانيهم فيشربون ويدّخرون، وكانت تصيف أي: تقيم زمن الصيف بظهر الوادي فتهرب منها أنعامهم إلى بطنه، وتشتو أي: تقيم زمن الشتاء ببطنه فتهرب مواشيهم إلى ظهره، فشق ذلك عليهم وزين عقرها لهم امرأتان عنيزة بنت غنم وصدقة بنت المختار لما أضرّت به من مواشيهما وكانتا كثيرتي المواشي فعقروها واقتسموا لحمها فرقي سقبها وهو بفتح السين والقاف ولدها الذكر جبلاً اسمه قارة فرغا ثلاثاً وكان صالح عليه السلام قال لهم: أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب فلم يقدروا عليه، وانفجت وهو بتشديد الجيم أي: انفتحت الصخرة بعد رغائه فدخلها، فقال لهم صالح: تصبحون غداً وجوهكم مصفرّة وبعد غد وجوهكم محمرّة واليوم الثالث وجوهكم مسودّة، ثم يصبحكم العذاب فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه فأنجاه الله تعالى إلى أرض فلسطين فلما كان اليوم الرابع واشتدّ الضحى تحنطوا بالصبر وتكفنوا بالإنطاع فأتتهم صيحة من السماء فتقطعت قلوبهم وهلكوا. وسيأتي لهذه القصة زيادة إن شاء الله تعالى في سورة النمل.
ويروى أنّ رسول الله ﷺ حين مرّ بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: «لا يدخلنّ أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائها ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم» وقال ﷺ لعليّ: «أتدري من أشقى الأوّلين» قال: الله ورسوله أعلم، قال: «عاقر ناقة صالح عليه السلام، أتدري من أشقى الآخرين» قال: الله ورسوله أعلم، قال: «قاتلك» ﴿فتولى﴾ أي: أعرض صالح ﴿عنهم﴾ وفي هذا التولي قولان: أحدهما: أنه تولى عنهم بعد أن ماتوا وهلكوا ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿فأصبحوا في دارهم جاثمين فتولى عنهم﴾ والفاء للتعقيب فدلّ على أنه حصل هذا التولي بعد جثومهم وهو موتهم.
(١٥/٣٦٠)


الصفحة التالية
Icon