﴿أفأمن أهل القرى﴾ عطف على قوله تعالى: ﴿فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون﴾ وما بينما اعتراض والمعنى: أبعد ذلك أمن أهل القرى ﴿أن يأتيهم بأسنا﴾ أي: عذابنا ﴿بياتاً﴾ أي: ليلاً وقوله تعالى: ﴿وهم نائمون﴾ حال من ضمير هم البارز أو المستتر في بياتاً.
﴿أو أمن أهل القرى﴾ هو استفهام بمعنى الإنكار وفيه وعيد وزجر وتهديد والمراد بالقرى مكة وما حولها وقيل: هو عام في كل أهل القرى الذين كفروا وكذبوا. وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر بسكون الواو والباقون بفتح الواو ﴿أن يأتيهم بأسنا ضحى﴾ أي: نهاراً لأن الضحى صدر النهار ﴿وهم يلعبون﴾ أي: وهم ساهون لاهون غافلون عما يراد بهم وقوله تعالى:
(١٥/٣٧٥)
﴿أفأمنوا مكر الله﴾ تقرير لقوله تعالى: ﴿أفأمن أهل القرى﴾ ومكر الله استعارة لاستدراج العبد بالنعم في الدنيا وأخذه من حيث لا يحتسب ﴿فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون﴾ أي: إنه لا يأمن استدراجه إياهم بالنعم وأخذهم بغتة إلا من خسر في أخراه وهلك مع الهالكين فعلى العاقل أن يكون في خوفه من الله تعالى كالمحارب الذي يخاف من عدوّه المتمكن البيات والغيلة، وعن الربيع بن خيثم رحمه الله تعالى أنّ ابنته قالت له: مالي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ فقال: يا ابنتاه إن أباك يخاف البيات أراد قوله تعالى: ﴿أن يأتيهم بأسنا بياتاً﴾: ﴿أولم يهد﴾ أي: يتبين ﴿للذين يرثون الأرض﴾ أن يسكنونها ﴿من بعد﴾ هلاك ﴿أهلها﴾ الذين كانوا من قبلهم فورثوها عنهم وخلفوهم فيها ﴿أن لو نشاء أصبناهم﴾ بالعذاب ﴿بذنوبهم﴾ كما أصبنا من قبلهم والهمزة للتوبيخ وأن لو نشاء مرفوع بأنه فاعل يهد أي: أولم يهد للذين يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم ويرثون أرضهم هذا الشأن وهو أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم أي: بسببها كما أصبنا من قبلهم وأهلكنا الوارثين منهم كما أهلكنا المورثين وإنما عدى فعل الهداية باللام لأنه بمعنى التبيين كما مرّ.


الصفحة التالية
Icon