﴿وما وجدنا لأكثرهم﴾ أي: لأكثر الناس على الإطلاق أو لأكثر الأمم الخالية والقرون الماضية الذين قصصنا خبرهم عليك، وأكد الاستغراق فقال: ﴿من عهد﴾ أي: من وفاء بالعهد الذي عهدناه إليهم وأوصيناهم به يوم أخذ الميثاق، والآية على الأوّل اعتراض وعلى الثاني من تتمة الكلام السابق ﴿وإن﴾ مخففة أي: وإنا ﴿وجدنا﴾ أي: في علمنا في عالم الشهادة ﴿أكثرهم لفاسقين﴾ أي: خارجين عن دائرة العهد طبق ما كنا نعلمه منهم في عالم الغيب وما أبرزناه في عالم الشهادة إلا لنقيم عليهم به الحجة على ما يتعارفونه بينهم في مجاري عاداتهم ومدارك عقولهم.
(١٥/٣٧٧)
﴿ثم بعثنا من بعدهم﴾ أي: الرسل المذكورين وهم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم الصلاة والسلام أو الأمم المهلكين ﴿موسى﴾ عليه السلام ﴿بآياتنا﴾ أي: بحجتنا الدالة على صدقه كاليد والعصا ﴿إلى فرعون﴾ هو علم جنس لملوك مصر ككسرى لملوك فارس وقيصر لملوك الروم والنجاشي لملوك الحبشة، وكان اسم فرعون موسى: قابوس، وقيل: الوليد بن مصعب بن الريان وكان ملك القبط ﴿وملائه﴾ أي: عظماء قومه وخصهم بالذكر لأنهم إذا أذعنوا أذعن من دونهم فكأنهم المقصودون والإرسال إليهم إرسال إلى الكل ﴿فظلموا﴾ أي: كفروا ﴿بها﴾ أي: بسبب رؤيتها خوفاً على رياستهم ومملكتهم الفانية أن تخرج من أيديهم ﴿فانظر﴾ أيها المخاطب بعين البصيرة ﴿كيف كان عاقبة المفسدين﴾ أي: آخر أمرهم أي: كيف فعلنا بهم وكيف أهلكناهم.
﴿وقال موسى﴾ لما دخل على فرعون ﴿يا فرعون﴾ خاطبه بما يعجبه امتثالاً لأمر الله تعالى له أن يلين في خطابه وذلك لأن فرعون كان لقب مدح لمن ملك مصر ﴿إني رسول﴾ أي: مرسل إليك وإلى قومك ثم بين مرسله بقوله تعالى: ﴿من ربّ العالمين﴾ أي: الإله الذي خلق الخلق وهو سيدهم ومالكهم، وقوله تعالى:
(١٥/٣٧٨)


الصفحة التالية
Icon