فإن قيل: حذر أبلغ من حاذر، أجيب: بأنّ ذلك أكثري لا كليّ، وبأنّ الكلام فيما إذا كان المتلاقيان في الاشتقاق متحدي النوع في المعنى كغرث وغرثان لا كحذر وحاذر للاختلاف وقدم الله عليهما لأنه إسم ذات وهما إسما صفة، والرحمن على الرحيم لأنه خاص إذ لا يقال لغير الله بخلاف الرحيم، والخاص مقدّم على العامّ، وإنما قدم والقياس يقتضى الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم: عالم نحرير لأنه صار كالعلم من حيث أنه لا يوصف به غيره ولذلك رجح جماعة أنه علم ولأنه لما دل على جلائل النعم وأصولها ذكر الرحيم كالتابع والتتمة والرديف ليتناول ما دق منها ولطف فليس من باب الترقي بل من باب التعميم والتكميل وللمحافظة على رؤوس الآي، وهل الرحمن مصروف أو لا؟ فيه قولان: مال السعد التفتازاني إلى جواز الأمرين لأنّ شرط منع صرف فعلان صفة وجود فعلى وشرط صرفه وجود فعلانة وكلاهما منتف هنا لكن أظهرهما أنه ممنوع الصرف إلحاقاً له بما هو الغالب من نظائره في الزيادة والوصف، والثاني أنه مصروف إلحاقاً له بالأصل في مطلق الاسم وهو الصرف، هذا مع أنّ المختار في منع صرف ما ذكر انتفاء فعلانة لا وجود فعلى، والحاصل أنه تعارض في صرفه وعدم صرفه الأصل والغالب.
فإن قيل: هذا إذا لم تدخله ال، أجيب: بأنّ المختار أنّ غير المصروف إذ دخلت عليه ال والعلتان فيه باق على منع صرفه وإن جرّ بالكسرة.
فوائد: الأولى: الوقف على الله قبيح للفصل بين التابع والمتبوع وعلى الرحمن كذلك وقيل: كاف وعلى الرحيم تام.
الثانية: عدد حروف البسملة الرسمية تسعة عشر حرفاً وعدد ملائكة خزنة النار تسعة عشر قال ابن مسعود: من أراد أن ينجيه الله تعالى من الزبانية فليقلها ليجعل الله تعالى له بكل حرف جنة، أي: وقاية من واحد.
(١/١١)