﴿فأرسلنا عليهم الطوفان﴾ وقال سعيد بن جبير: لما آمنت السحرة ورجع فرعون مغلوباً أبى هو وقومه إلا الإقامة على الكفر والتمادي على الشر فتابع الله تعالى عليهم الآيات فأخذهم أوّلاً بالسنين وهو القحط ونقص الثمرات وأراهم قبل ذلك من المعجزات اليد والعصا فلم يؤمنوا فدعا عليهم موسى وقال: يا رب إنّ عبدك فرعون علا في الأرض وبغى وعتا وإنّ قومه قد نقضوا العهد فخذهم بعقوبة تجعلها عليهم نقمة ولقومي عظة ولمن بعدهم آية وعبرة فبعث الله تعالى عليهم الطوفان وهو الماء فأرسل الله تعالى المطر من السماء وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مشتبكة مختلطة فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم ومن جلس منهم غرق ولم يدخل من ذلك الماء في بيوت بني إسرائيل شيء وركب ذلك الماء على أرضهم فلم يقدروا أن يحرثوا ولا يعملوا شيئاً ودام ذلك عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت حتى كان الرجل منهم لا يرى شمساً ولا قمراً ولا يستطيع الخروج من داره فصرخوا إلى فرعون واستغاثوا به فأرسل إلى موسى عليه السلام فقال: اكشف عنا العذاب فقد صار بحراً واحداً فإن كشف هذا العذاب آمنا بك فأزال الله تعالى عنهم المطر وأرسل الرياح فجففت الأرض وخرج من النبات ما لم ير مثله قط فقالوا: هذا الذي جزعنا منه خير لنا لكنا لم نشعر فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل، وقيل: المراد بالطوفان الجدري وهو بضم الجيم وفتح الدال وبفتحهما قروح في البدن تنفط وتنضح، وقيل: هو الموتان وهو بضم الميم موت في الماشية، وقيل: هو الطاعون فنكثوا العهد ﴿و﴾ لم يؤمنوا وأقاموا شهراً في عافية فأرسل الله تعالى عليهم ﴿الجراد﴾ فأكل النبات والثمار وأرواق الشجر حتى كان يأكل الأبواب وسقوف البيوت ومسامير الأبواب من الحديد وابتلي الجراد بالجوع فكانت لا تشبع ولم يصب بني إسرائيل شيء من ذلك وعظم الأمر عليهم حتى صارت عند طيرانها تغطي الشمس ووقع بعضها على بعض في الأرض ذراعاً


الصفحة التالية
Icon