اذهب فخذه» وقيل: إنها نزلت فيما يصل من المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو أمة أو متاع، فهو للنبيّ ﷺ يصنع فيه ما يشاء.
(١٦/٨)
واختلفوا هل هذه الآية منسوخة أو لا؟ فقال مجاهد وعكرمة: هي منسوخة بقوله تعالى: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فإنّ خمسه وللرسول﴾ (الأنفال، ٤١)
الآية فكانت الغنائم يومئذٍ للنبيّ ﷺ فنسخها الله تعالى بالخمس، وقال بعضهم: هي ناسخة من وجه ومنسوخة من وجه وذلك أن الغنائم كانت حراماً على الأمم الذين من قبلنا في شرائع أنبيائهم، وأباحها الله تعالى بهذه الآية لهذه الأمة، وجعلها ناسخة لشرع من قبلنا، ثم نسخت بآية الخمس، وقال عبد الله بن زيد بن أسلم: هي ثابتة غير منسوخة، ومعنى الآية: قل الأنفال لله وللرسول يضعها حيث أمره الله تعالى، وقد بيّن الله تعالى مصارفها في قوله: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فإنّ خمسه﴾ الآية.
فإن قيل: ما معنى الجمع بين ذكر الله والرسول؟ أجيب: بأنّ معناه أن حكم الغنيمة مختص بالله ورسوله بأمر الله يقسمها على ما تقتضيه حكمته، ويمتثل الرسول ﷺ أمر الله تعالى فيها وليس الأمر في قسمها مفوّضاً إلى رأي أحد ﴿فاتقوا الله﴾ بطاعته، واتركوا مخالفته واتركوا المخاصمة والمنازعة في الغنائم ﴿وأصلحوا ذات بينكم﴾ أي: وأصلحوا الحال فيما بينكم بالمودّة وترك النزاع وتسليم أمر الغنائم إلى الله ورسوله ﴿وأطيعوا الله ورسوله﴾ فيما يأمركم به وينهاكم عنه ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ حقاً، فإنّ الإيمان يقتضي ذلك.
﴿إنما المؤمنون﴾ أي: الكاملون في الإيمان ﴿الذين إذا ذكر الله﴾ أي: وعيده ﴿وجلت﴾ أي: خافت وخضعت ورقت ﴿قلوبهم﴾ أي: أنّ المؤمن إنما يكون مؤمناً كاملاً إذا كان خائفاً من الله تعالى، ونظيره قوله تعالى: ﴿والذين هم من عذاب ربهم مشفقون﴾ (المعارج، ٢٧)
وقوله تعالى: ﴿الذين هم في صلاتهم خاشعون﴾ (المؤمنون، ٢).


الصفحة التالية
Icon