ثم بين تعالى المعية بقوله تعالى: ﴿سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب﴾ أي: الخوف فلا يكون لهم ثبات وكان ذلك نعمة من الله تعالى على المؤمنين حيث ألقى الخوف في قلوب المشركين، وقرأ ابن عامر والكسائي برفع العين، والباقون بالسكون وقوله تعالى: ﴿فاضربوا﴾ خطاب للمؤمنين وللملائكة ﴿فوق الأعناق﴾ أي: أعاليها التي هي المذابح والمفاصل والرؤوس، فإنها فوق الأعناق وقيل: المراد الأعناق، وفوق صلة، أو بمعنى على أي: اضربوا على الأعناق ﴿واضربوا منهم كل بنان﴾ قال ابن عطية: يعني: كل مفصل، وقال ابن عباس: يعني: الأطراف، والبنان جمع بنانة وهي أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، وقال ابن الأنباري: كانت الملائكة لا تعلم كيف تقاتل بني آدم فعلمهم الله تعالى: قيل: إنما خصت الرأس والبنان بالذكر؛ لأنّ الرأس أعلى الجسد وأشرف الأعضاء، والبنان أضعف الأعضاء، فيدخل في ذلك كل عضو في الجسد.
وقيل: أمرهم بضرب الرأس وبه هلاك الإنسان وبضرب البنان وبه تبطل حركته عن القتال؛ لأنّ بالبنان يتمكن من مسك السيف والسلاح وحمله والضرب به فإذا قطع بنانه تعطل ذلك كله.
﴿ذلك﴾ أي: التسليط العظيم الذي وقع من القتل والأسر يوم بدر، والخطاب للنبيّ ﷺ أو لكل أحد ﴿بأنهم﴾ أي: الذين تلبسوا بالكفر ﴿شاقوا الله﴾ الذي لا يطاق انتقامه ﴿ورسوله﴾ أي: خالفوهما في الأوامر والنواهي والمشاقة المخالفة وأصلها المجانبة كأنهم صاروا في شق وجانب غير الذي يرضيانه ﴿ومن يشاقق الله ورسوله فإنّ الله شديد العقاب﴾ له فإنّ الذي أصابهم في ذلك اليوم من الأسر والقتل شيء قليل في جنب ما أعدّ الله تعالى لهم من العقاب يوم القيامة، وقوله تعالى:
(١٦/٢٧)