﴿وإذ قالوا اللهمّ إن كان هذا﴾ أي: الذي يقرؤه محمد ﴿هو الحق﴾ المنزل ﴿من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾ أي: مؤلم على إنكاره غير الحجارة قاله النضر وغيره، استهزاء وإيهاماً أنه على بصيرة وجزم ببطلانه.
وعن معاوية رضي الله عنه أنه قال لرجل من سبأ: ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال: أجهل من قومي قومك قالوا: ﴿اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك﴾ الآية، وما قالوا: إن كان هذا هو الحق فاهدنا إليه.
فإن قيل: قد حكى الله تعالى هذه المقالة عن الكفار، وهي من حسن نظم القرآن، فقد حصلت المعارضة في هذا القدر، وأيضاً حكي عنهم أنهم قالوا في سورة بني إسرائيل، وقالوا: ﴿لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً﴾ (الإسراء، ٩٠)
الآية، وذلك أيضاً كلام الكفار، فقد حصل من كلامهم ما يشبه نظم القرآن وذلك يدل على حصول المعارضة، أجيب: بأنّ الإتيان بهذا القدر لا يكفي في حصول المعارضة؛ لأنه كلام قليل لا تظهر فيه وجوه المعارضة والفصاحة والبلاغة؛ لأنّ أقل ما وقع به التحدي سورة أو قدرها قال الله تعالى:
﴿وما كان الله ليعذبهم﴾ أي: بما سألوه ﴿وأنت فيهم﴾ أي: لأنّ العذاب إذا نزل عمّ، ولم يعذب أمّة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها ﴿وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾ أي: وفيهم من يستغفر، وهم المسلمون بين أظهرهم ممن تخلف عن رسول الله ﷺ من المستضعفين.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كان في هذه الأمّة أمانان أما النبيّ ﷺ فقد مضى وأمّا الاستغفار فهو كائن فيكم إلى يوم القيامة، فاللفظ وإن كان عامّاً إلا أنّ المراد بعضهم كما يقال قدم أهل البلدة الفلانية على القتال والمراد بعضهم.
(١٦/٤٥)