يروي الضحاك بالنصب على أنه مفعول معه، والمعنى: كفاك وكفى أتباعك المؤمنين الله ناصراً، أو رفع عطفاً على اسم الله تعالى أي: كفاك الله وكفى المؤمنين، وهذه الآية نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال، وعن سعيد بن جبير أسلم مع النبيّ ﷺ ثلاثة وثلاثون رجلاً وست نسوة ثم أسلم عمر فتمم الله تعالى به الأربعين فنزلت هذه الآية.
﴿يأيها النبيّ حرّض المؤمنين﴾ أي: حثهم ﴿على القتال﴾ للكفار والتحريض في اللغة، كالتحضيض، وهو الحث على الشيء ﴿إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين﴾ منهم ﴿وإن يكن منكم مائة﴾ صابرة ﴿يغلبوا ألفاً من الذين كفروا﴾ وهذا خبر بمعنى الأمر أي: ليقاتل العشرون منكم المائتين والمائة الألف قتال عشرة أمثالكم.
تنبيه: تقييد ذلك بالصبر يدلّ على أنه تعالى ما أوجب هذا الحكم إلا بشرط كونه صابراً قادراً على ذلك، وإنما يحصل هذا الشرط عند حصول أشياء منها: أن يكون شديد الأعضاء قوياً جلداً، ومنها: أن يكون قويّ القلب شديد البأس شجاعاً غير جبان، ومنها: أن يكون غير متحرف لقتال أو متحيز إلى فئة، فإنّ الله تعالى استثنى هاتين الحالتين في الآيات المتقدّمة فعند حصول هذه الشروط كان يجب على الواحد أن يثبت للعشرة.
(١٦/٧٥)
فإن قيل: حاصل هذه العبارة المطولة إنّ الواحد يثبت للعشرة فما الفائدة في العدول إلى هذه العبارة المطولة؟ أجيب: بأنّ هذا إنما ورد على وفق الواقعة فكان رسول الله ﷺ يبعث السرايا والغالب أن تلك السرايا ما كان ينقص عددها عن العشرين، وما كانت تزيد على المائة فلهذا المعنى ذكر الله تعالى هذين العددين.


الصفحة التالية
Icon