روي أنه ﷺ أتي يوم بدر بسبعين أسيراً فيهم العباس عمّ النبيّ ﷺ وعقيل بن أبي طالب فاستشار فيهم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: قومك وأهلك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك، وقال عمر رضي الله تعالى عنه: كذبوك وأخرجوك فقدمهم، واضرب أعناقهم، فإنّ هؤلاء أئمة الكفر، وإنّ الله أغناك عن الفداء، مكّن علياً من عقيل، وحمزة من العباس، ومكني من فلان ـ لنسيب له ـ فلنضرب أعناقهم، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر وادياً كثير الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرم عليهم ناراً، فقال له العباس: قطعت رحمك، فسكت رسول الله ﷺ ولم يجبهم ثم دخل، فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول ابن رواحة، ثم خرج رسول الله ﷺ فقال: «إنّ الله لين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدّد قلوب رجال حتى تكون أشدّ من الحجارة وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: ﴿من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾ (إبراهيم، ٣٦)
ومثل عيسى في قوله: ﴿وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ (المائدة، ١١٨)
ومثلك يا عمر مثل نوح قال: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً﴾ (نوح، ٢٦)
ومثل موسى حيث قال: ﴿ربنا اطمس على أموالهم﴾ (يونس، ٨٨)
ومال رسول الله ﷺ إلى قول أبي بكر.
(١٦/٧٧)