(١٦/١١٩)
عليه وسلم على تناهي شجاعته قال البراء بن عازب: كانت هوازن رماة فلما حملنا عليهم انكشفوا وأكببنا على الغنائم واستقبلونا بالسهام فانكشف المسلمون عن رسول الله ﷺ ولم يبق معه إلا العباس وأبو سفيان، قال البراء: والذي لا إله إلا هو ما ولي رسول الله ﷺ دبره قط قد رأيته وأبو سفيان آخذ بالركاب والعباس أخذ بلجام الدابة وهو يقول: أنا النبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطلب فطفق يركض بغلته نحو الكفار لا يولي ثم قال للعباس: «وكان صيتاً صح يا عباس» فنادى: «يا عباد الله يا أصحاب الشجرة» وهم أصحاب بيعة الرضوان المذكورون في قوله تعالى: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ (الفتح، ١٨)
يا أصحاب سورة البقرة قال الطيبي وهم المذكورون في قوله تعالى: ﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون﴾ (البقرة، ٢٨٥)
وقيل: الذين أنزلت عليهم سورة البقرة فرجعوا جماعة واحدة يقولون: لبيك لبيك ونزلت الملائكة فالتقوا مع المشركين فقال عليه الصلاة والسلام: «هذا حين حمي الوطيس» أي: اشتدّ الحرب ثم أخذ رسول الله ﷺ كفاً من تراب فرماهم ثم قال: «انهزموا ورب الكعبة» فانهزموا.
وروي أنه ﷺ نزل عن البغلة، ثم أخذ قبضة من تراب الأرض، ثم استقبل بها وجوههم، ثم قال: «شاهت الوجوه». قالت سلمة بن الأكوع: فما خلق الله تعالى منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولوا مدبرين فهزمهم الله تعالى. ﴿فلم تغن﴾ أي: الكثرة. ﴿عنكم شيأ وضاقت عليكم الأرض بما رحبت﴾ أي: برحبها أي: بسعتها لا تجدون فيها مقراً تطمئن إليه نفوسكم من شدّة الرعب، ولا تثبتون فيها كمن لا يسعه مكانه. ﴿ثم وليتم مدبرين﴾ أي: الكفار ظهوركم مدبرين أي: منهزمين، والإدبار الذهاب إلى خلف خلاف الإقبال.
(١٦/١٢٠)


الصفحة التالية
Icon