وأما الجاه فهو المراد بقوله: ﴿ويصدّون عن سبيل الله﴾ فإنهم لو أقرّوا بأنّ محمداً ﷺ على الحق لزمهم متابعته وحينئذ كان يبطل حكمهم وتزول حرمتهم ولأجل الخوف من هذا المحذور كانوا يبالغون في المنع من متابعته ﷺ ويبالغون في إلقاء الشبهات وفي استخراج وجوه المكر والخديعة وفي منع الخلق من قبول دينه الحق ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله﴾ يحتمل أن يراد بقوله: ﴿الذين﴾ أولئك الأحبار والرهبان فيكون مبالغة في وصفهم بالحرص الشديد على أخذ أموال الناس بقوله تعالى: ﴿ليأكلون أموال الناس بالباطل﴾ ووصفهم أيضاً بالبخل الشديد والامتناع من إخراج الواجبات عن أموال أنفسهم بقوله تعالى: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة﴾ وأن يراد المسلمون الذين يجمعون المال ولا يؤدّون حقه ويكون اقترانهم بالمرتشين من اليهود والنصارى تغليظاً ودلالة على أنّ من يأخذ منهم السحت ومن لا يعطي منكم بطيب زكاة ماله سواء في استحقاق البشارة بالعذاب الأليم وأن يراد كل من كنز المال ولم يخرج منه الحقوق الواجبة سواء كان من الأحبار والرهبان أو كان من المسلمين.
(١٦/١٣٩)


الصفحة التالية
Icon