﴿إنّ عدّة الشهور﴾ أي: عددها ﴿عند الله اثنا عشر شهراً﴾ وهي المحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وشهر ربيع الثاني وجمادى الأوّل وجمادى الثاني ورجب وشعبان وشهر رمضان وشوّال وذو القعدة وذو الحجة، هذه شهور السنة القمرية التي هي مبنية على سير القمر في المنازل وهي شهور العرب التي يعتدّ بها المسلمون في صيامهم ومواقيت حجهم وأعيادهم وسائر أمورهم وأحكامهم وأيام هذه الشهور ثلثمائة وخمسة وخمسون يوماً والسنة الشمسية عبارة عن دور الشمس في الفلك دورة واحدة تامّة وهي ثلثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم فتنقص السنة الهلالية عن السنة الشمسية عشرة أيام فبسبب هذا النقصان تدور السنة الهلالية فيقع الصوم والحج تارة في الشتاء وتارة في الصيف قال المفسرون: وسبب نزول هذه الآية من أجل النسىء الذي كانت العرب تفعله في الجاهلية فكان حجهم يقع تارة في وقته وتارة في المحرّم وتارة في صفر وتارة في غيرهما من الشهور فأعلم الله تعالى أنّ عدة الشهور سنة المسلمين التي يعتدون بها اثنا عشر شهراً على منازل القمر وسيره فيها وهو قوله تعالى: ﴿إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً﴾ أي: في علمه وحكمه ﴿في كتاب الله﴾ أي: في اللوح المحفوظ الذي كتب فيه أحوال مخلوقاته بأسرها على التفصيل وهو أصل الكتب التي أنزلها الله تعالى على جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقيل فيما أثبته وأوجبه من حكمه ورآه حكمة وصواباً ﴿يوم خلق السموات والأرض﴾ أي: إنّ هذا الحكم حكم به قضاه يومئذ أي: السنة اثنا عشر شهراً ﴿منها﴾ أي: الأشهر ﴿أربعة حرم﴾ ثلاثة سواء ذو القعدة بفتح القاف وذو الحجة بكسر الحاء على المشهور فيهما وسميا بذلك لقعودهم عن القتال في الأوّل ولوقوع الحج في الثاني، والمحرّم بتشديد الراء المفتوحة سمي بذلك لتحريم القتال فيه وقيل: لتحريم الجنة فيه على إبليس ودخلته اللام دون غيره من الشهور لأنه أوّلها فعرفوه كأنه قيل: هذا الشهر الذي ابتدأ أول السنة


الصفحة التالية
Icon