وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول لأبي بكر: «أنت صاحبي في الغار وصاحبي على الحوض» قال الحسن بن الفضل: من قال إنّ أبا بكر رضي الله عنه لم يكن صاحب رسول الله ﷺ فهو كافر لإنكار نص القرآن وفي سائر الصحابة إذا أنكر يكون مبتدعاً لا كافراً واختلف في عود الضمير في قوله تعالى: ﴿فأنزل الله سكينته﴾ أي: طمأنينته ﴿عليه﴾ هل هو للنبيّ ﷺ أو لأبي بكر رضي الله عنه؟ رجح الثاني لوجوه: الأوّل: أن الضمير يجب عوده إلى أقرب المذكورات وأقرب المذكورات المتقدّمة في هذه الآية هو أبو بكر لأنه تعالى قال: ﴿إذ يقول لصاحبه﴾ والتقدير إذ يقول محمد لصاحبه أبي بكر لا تحزن وعلى هذا التقدير فأقرب المذكورات السابقة هو أبو بكر فوجب عود الضمير إليه. والثاني: أنّ الحزن والخوف كانا حاصلين لأبي بكر لا للرسول ﷺ فإنه كان آمناً ساكن القلب فيما وعده الله تعالى أن ينصره على قريش فلما قال لأبي بكر: لا تحزن صار آمناً فصرف السكينة لأبي بكر ليصير ذلك سبباً لزوال خوفه أولى من صرفها إلى الرسول ﷺ مع أنه كان قبل ذلك ساكن النفس قويّ القلب. الثالث: إنه لو كان المراد إنزال السكينة على الرسول ﷺ لوجب أن يقال: إنّ الرسول كان قبل ذلك خائفاً ولو كان خائفاً لما أمكنه أن يقول لأبي بكر: «لا تحزن إنّ الله معنا» فمتى كان خائفاً لم يمكنه أن يزيل الخوف عن قلب غيره ولو كان راجعاً إلى الرسول لوجب أن يقال: فأنزل الله سكينته عليه فقال لصاحبه: «لا تحزن» فيكون ذلك مما يدلّ على فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه ومنها حديث الهجرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام عن عائشة رضي الله عنها وعن أبويها قالت: لم أعقل أبويّ إلا وهما يدينان الدين ولم يمرّ علينا يوم إلا ورسول الله ﷺ يأتينا طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي


الصفحة التالية
Icon