(٣/٥)
تعالى:﴿أفلا تذكرون﴾ قرأه حفص وحمزة والكسائي بتخفيف الذال، والباقون بالتشديد بإدغام التاء في الأصل في الذال، أي: أفلا تتفكرون أدنى تفكر فينبئكم عن أنه المستحق للربوبية، والعبادة لا ما تعبدونه.
﴿إليه﴾ تعالى ﴿مرجعكم﴾ أي: رجوعكم بالموت والنشور حالة كونكم ﴿جميعاً﴾ لا يتخلف منكم أحد، فاستعدّوا للقائه. وقوله تعالى: ﴿وعد الله﴾ مصدر منصوب بفعله المقدّر مؤكد لنفسه؛ لأن قوله تعالى: ﴿إليه مرجعكم﴾ وعد من الله، وقوله تعالى: ﴿حقاً﴾ أي: صدقاً لا خلف فيه مصدر آخر منصوب بفعله المقدّر مؤكد لغيره، وهو ما دل عليه وعد الله. ﴿إنه يبدأ الخلق﴾ أي: يحييهم ابتداءً. ﴿ثم يعيده﴾ أي: ثم يميتهم ثم يحييهم. وفي هذا دليل على الحشر والنشر والمعاد، وصحة وقوعه، وردّ على منكري البعث ووقوعه؛ لأنّ القادر على خلق هذه الأجسام المؤلفة، والأعضاء المركبة على غير مثال سبق، قادر على إعادتها بعد تفريقها بالموت والبلى، فيركب تلك الأجزاء المتفرقة تركيباً ثانياً، ويخلق الإنسان الأوّل مرّة أخرى، فإذا ثبت القول بصحة المعاد والبعث بعد الموت؛ كان المقصود منه إيصال الثواب للمطيع، والعقاب للعاصي، وهو قوله تعالى: ﴿ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط﴾ أي: بالعدل، لا ينقص من أجورهم شيئاً. ﴿والذين كفروا لهم شراب من حميم﴾ وهو ماء حار قد انتهى حرّه ﴿وعذاب أليم﴾ أي: بالغ في الإيّلام. ﴿بما كانوا يكفرون﴾ أي: بسبب كفرهم.
(٣/٦)