﴿دعواهم فيها﴾ قال بعض المفسرين: ، أي: طلبهم لما يشتهون في الجنة أن يقولوا: ﴿سبحانك﴾ أي: ننزهك من كل سوء ونقيصة. ﴿اللهمّ﴾ أي: يا الله، فإذا ما طلبوا بين أيديهم على موائد، كل مائدة ميل في ميل، على كل مائدة سبعون ألف صحفة، في كل صحفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضاً، فإذا فرغوا من الطعام حمدوا الله تعالى، فذلك قوله تعالى: ﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾. وأن المراد بقوله ﴿سبحانك اللهم﴾ اشتغال أهل الجنة بالتسبيح والتحميد والتقديس لله تعالى، والثناء عليه بما هو أهله، وفي هذا الذكر سرورهم وابتهاجهم وكمال لذاتهم وهذا أولى، ويدل عليه ما روي عن جابر رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يبولون ولا يتغوّطون ولا يتمخطون. قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس»، أي: يخرج ذلك الطعام جشاء وعرقاً.
الثالثة: قوله تعالى: ﴿وتحيتهم﴾ فيما بينهم وتحية الملائكة لهم ﴿فيها﴾ أي: الجنة ﴿سلام﴾ وتأتيهم الملائكة أيضاً من عند ربهم بالسلام. قال تعالى: ﴿والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم﴾ (الرعد: ٢٣، ٢٤)
. وقال تعالى: ﴿سلام قولاً من رب رحيم﴾ (يس: ٥٨)
. الرابعة: قوله تعالى: ﴿وآخر دعواهم﴾ أي: وآخر دعائهم. ﴿أن الحمد لله رب العالمين﴾ أي: أن يقولوا ذلك، وأن هي المخففة من الثقيلة، وقد ذكرنا أنَّ بعض المفسرين حمل التسبيح والتحميد على أحوال أهل الجنة بسبب المأكول والمشروب، فإنهم إذا اشتهوا شيئاً قالوا: ﴿سبحانك اللهم﴾ (يونس، ١٠)
فيحصل ذلك الشيء، فإذا فرغوا منه قالوا: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ (الفاتحة، ٢)
فترتفع الموائد عند ذلك.
(٣/١٣)


الصفحة التالية
Icon