﴿للذين أحسنوا﴾ أي: بالإيمان ﴿الحسنى﴾ وهي الجنة ﴿وزيادة﴾ وهي النظر إليه تعالى في الآخرة، كما في الحديث الصحيح: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن يا أهل الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه فو الله ما أعطاهم الله شيئاً هو أحب إليهم منه». والزمخشري في «كشافه» قال في هذا: وزعمت المشبهة والمجبرة؛ لأنّ المعتزلة ينكرون الرؤية، ويُردّ عليهم قول الله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾ (القيامة، ٢٢، ٢٣) فأثبت الله لأهل الجنة أمرين أحدهما: النضارة وهي حسن الوجوه، وذلك من نعيم الجنة. والثاني: النظر إلى الله تعالى. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الحسنى الحسنة، والزيادة عشرة أمثالها. وعن الحسن عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. وعن مجاهد: الزيادة مغفرة من الله ورضوان. وعن يزيد بن شجرة: الزيادة أن تمرّ السحابة بأهل الجنة فتقول: ما تريدون أن أمطركم، فلا يريدون شيئاً إلا أمطرتهم، ولا مانع من أن تفسر الزيادة بذلك كله؛ إذ لا تنافي فيها والفضل واسع. ﴿ولا يرهق﴾ أي: يغشى ﴿وجوههم قتر﴾ أي: سواد ﴿ولا ذلة﴾ أي: كآبة وكسوف يظهر منه الانكسار والهوان. ﴿أولئك﴾ أي: هؤلاء الذين وصفهم الله هم ﴿أصحاب الجنة﴾ وقوله تعالى: ﴿هم فيها خالدون﴾ إشارة إلى كونها دائمة آمنة من الانقطاع ولا زوال فيها ولا انقراض، بخلاف الدنيا وزخارفها. ولما بين تعالى حال الفضل فيمن أحسن بيّن حال العدل فيمن أساء بقوله تعالى:
(٣/٣٤)