﴿ألا إنّ لله ما في السموات والأرض﴾ تقرير لقدرته تعالى على الإثابة والعقاب ﴿ألا إنّ وعد الله﴾ أي: ما وعد به على لسان نبيه ﷺ من البعث للجزاء ومن ثواب الطائع وعقاب العاصي ﴿حق﴾ لا شك فيه ﴿ولكنّ أكثرهم﴾ أي: الناس ﴿لا يعلمون﴾ أي: جاهلون عن حقيقة ذلك فهم باقون على الجهل معدودون مع البهائم لقصور عقلهم إلا ظاهراً من الحياة الدنيا.
﴿هو﴾ أي: الذي يملك ما في السموات والأرض ﴿يحيي ويميت﴾ أي: قادر على الإحياء والإماتة لا يتعذر عليه شيء مما أراد ﴿وإليه ترجعون﴾ بعد الموت للجزاء وقوله تعالى: ﴿يا أيها الناس﴾ خطاب عامّ. وقيل: لأهل مكة ﴿قد جاءتكم موعظة من ربكم﴾ أي: كتاب فيه ما لكم وعليكم وهو القرآن ﴿وشفاء﴾ أي: دواء ﴿لما في الصدور﴾ أي: القلوب من داء الجهل؛ لأنّ داء الجهل أضرّ للقلب من المرض للبدن، وأمراض القلب هي الأخلاق الذميمة والعقائد الفاسدة والجهالات المهلكة، والقرآن مزيل لهذه الأمراض كلها؛ لأنّ فيه المواعظ والزواجر والتخويف والترغيب والترهيب والتحذير والتذكير، فهو الشفاء لهذه الأمراض القلبية، وإنما خص تعالى الصدر بالذكر؛ لأنه موضع القلب وغيره وهو أعز موضع في الإنسان لمكان القلب فيه ﴿وهدى﴾ من الضلالة ﴿ورحمة﴾ أي: إكرام عظيم ﴿للمؤمنين﴾ لأنهم هم الذين انتفعوا به دون غيرهم. واختلف في تفسيره قوله تعالى:
(٣/٥٩)


الصفحة التالية
Icon