﴿ولا يحزنك﴾ يا محمد ﴿قولهم﴾ أي: هؤلاء المشركين، أي: لا يغمك تكذيبهم وتهديدهم وتشويرهم في تدبير هلاكك وإبطال أمرك، وسائر ما يتكلمون به في شأنك. وقرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي من أحزنه، والباقون بفتح الياء وضم الزاي وكلاهما بمعنى. وقوله تعالى: ﴿إن العزة﴾ أي: القوة ﴿لله جميعاً﴾ استئناف بمعنى التعليل، كأنه قيل: ما لي لا أحزن فقيل إن العزة لله جميعاً، ، أي: أنّ الغلبة والقهر في مملكة الله لله جميعاً، لا يملك أحد شيئاً منها لا هم ولا غيرهم، فهو يغلبهم وينصرك عليهم. قال تعالى: ﴿كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي﴾ (المجادلة، ٢١). وقال تعالى: ﴿إنا لننصر رسلنا﴾ (غافر، ٥١).
وقيل: إنّ المشركين كانوا يتعززون بكثرة أموالهم وأولادهم وعبيدهم، فأخبر الله تعالى أنَّ جميع ذلك في ملكه فهو قادر على أن يسلب جميع ذلك ويذلهم بعد العز ﴿هو السميع﴾ أي: البليغ السمع لأقوالهم ﴿العليم﴾ أي: المحيط العلم بضمائرهم وجميع أحوالهم فهو البالغ القدرة على كل شيء فيجازيهم، وهو تعليل لتفرّده بالعزة؛ لأنه تفرّد بهذين الوصفين فانتفيا عن غيره، ومن انتفيا عنه كان دون الحيوانات العجم فأنى يكون له عزة؟ فإن قيل: قوله تعالى: ﴿إنّ العزة لله جميعاً﴾ يضادّ قوله تعالى: ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين﴾ (المنافقون، ٨) أجيب: بالمنع لأنّ عزة الرسول والمؤمنين كلها بالله فهي لله.
(٣/٦٥)


الصفحة التالية
Icon