وجملة الحمد لله خبرية لفظاً؛ إنشائية معنى، لحصول الحمد بالتكلم بها مع الإذعان لمدلولها، ويجوز أن تكون موضوعة شرعاً للإنشاء وقيل: خبرية لفظاً ومعنى، قال بعضهم: وهو التحقيق إذ ليس معنى كونها إنشائية لا أنها جملة إنشاء الحامد الثناء بها وذلك لا ينافي كونها خبرية معنى. ولام لله للملك أو الاستحقاق أو الاختصاص، وقيل: للتعليل والأولى أنها للاختصاص بالمعنى الأعمّ الصادق بالملك وبالاستحقاق، لا بالمعنى الأخص المقابل لهما وعلى كل فهي متعلقة بمحذوف هو الخبر حقيقة، فالحمد مختص بالله كما أفادته الجملة الاسمية سواء أجعلت لام التعريف فيه للإستغراق كما عليه الجمهور وهو ظاهر، أم للجنس كما عليه الزمخشري، لأنّ لام لله للإختصاص كما مرّ فلا فرد منه لغيره أم للعهد كالتي في قوله تعالى: ﴿إذ هما في الغار﴾ (التوبة، ٤٠) كما نقله ابن عبد السلام وأجازه الواحديّ على معنى أن الحمد الذي حمد الله به نفسه وحمده به أنبياؤه وأولياؤه مختص به والعبرة بحمد من ذكر فلا فرد منه لغيره، وأولى الثلاثة الجنس، زاد بعضهم أو للكمال كما أفاده سيبويه في الداخلة على الصفات كالرحمن الرحيم، قال البيضاويّ: إذ الحمد في الحقيقة كله له إذ ما من خير إلا وهو موليه بوسط أو بغير وسط كما قال: ﴿وما بكم من نعمة فمن الله﴾ (النحل، ٥٣) انتهى.
فإن قيل: بل هو موليه مطلقاً بغير وسط، أجيب: بأن المراد بالوسط من تصل إليه النعمة أوّلاً ثم تنتقل منه إلى غيره لا أنه وسط في التأثير.
(١/١٥)