تنبيه: هذه الآية الكريمة مشتملة على أشياء مترتبة: الأوّل: أنه تعالى أمر أن لا تعبدوا إلا الله لأنّ ما سواه محدث مخلوق مربوب، وإنما حصل بتكوين الله وإيجاده، والعبادة عبارة عن إظهار الخضوع والخشوع ونهاية التواضع والتذلل، وذلك لا يليق إلا بالخالق المدبر الرحيم المحسن، فثبت أن عبادة غير الله تعالى منكرة. المرتبة الثانية: قوله تعالى: ﴿وأن استغفروا ربكم﴾ المرتبة الثالثة: قوله ﴿ثم توبوا إليه﴾ واختلفوا في بيان الفرق بين هاتين المرتبتين على وجوه: الأوّل: أنّ معنى قوله ﴿وأن استغفروا﴾، أي: اطلبوا من ربكم المغفرة لذنوبكم، ثم بين الشيء الذي يطلب به ذلك وهو التوبة. فقال: ثم توبوا إليه؛ لأنّ الداعي إلى التوبة والمحرك عليها هو الاستغفار الذي هو عبارة عن طلب المغفرة فالاستغفار مطلوب بالذات والتوبة مطلوبة لكونها من مهمات الاستغفار، وما كان آخراً في الحصول كان أولاً في الطلب، فلهذا السبب قدم ذكر الاستغفار على التوبة.
(٣/١٠٢)


الصفحة التالية
Icon