﴿إلا﴾ أي: لكن ﴿الذين صبروا﴾ على الضرّاء ﴿وعملوا الصالحات﴾ أي: في النعماء، أي: فإنهم إن أصابتهم شدّة صبروا، وإن نالتهم نعمة شكروا ﴿أولئك لهم مغفرة وأجر كبير﴾ فجمع لهم تعالى بين هذين المطلوبين، أحدهما: زوال العقاب والخلاص منه وهو المراد من قوله تعالى: ﴿لهم مغفرة﴾، والثاني: الفوز بالثواب ودخول الجنة وهو المراد من قوله تعالى: ﴿وأجر كبير﴾.
﴿فلعلك﴾ يا محمد ﴿تارك بعض ما يوحى إليك﴾ فلا تبلغهم إياه لتهاونهم به، فإنهم كانوا يستهزؤون بالقرآن ويضحكون منه. وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة وورش يين اللفظين والباقون بالفتح. ﴿وضائق به صدرك﴾ أي: بتلاوته عليهم لأجل ﴿أن يقولوا لولا﴾ أي: هلا ﴿أنزل عليه كنز﴾ ينفقه في الاستتباع كالملوك ﴿أو جاء معه ملك﴾ يصدقه كما اقترحنا، وروي عن ابن عباس: «أنّ رؤساء مكة قالوا: يا محمد اجعل لنا جبال مكة ذهباً إن كنت رسولاً وقال آخرون: ائتنا بالملائكة ليشهدوا بنبوّتك فقال: لا أقدر على ذلك» فنزل ﴿إنما أنت نذير﴾ فلا عليك إلا البلاغ لا الإتيان بما اقترحوه ﴿والله على كل شيء وكيل﴾ فتوكل عليه إنه عالم بحالهم وفاعل بهم جزاء أقولهم وأفعالهم.
(٣/١١٣)