﴿فإن لم يستجيبوا لكم﴾ أي: بإتيان ما دعوتموهم إليه للنبيّ ﷺ وللمؤمنين؛ لأنه ﷺ والمؤمنين كانوا يتحدونهم، وقال تعالى في موضع آخر: ﴿فإن لم يستجيبوا لك فاعلم﴾ (القصص، ٥٠) والتعظيم للنبيّ ﷺ ﴿فاعلموا أنما أنزل﴾ ملتبساً ﴿بعلم الله﴾ أي: بما لا يعلمه إلا الله تعالى من نظم يعجز الخلق وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه ولا يقدر عليه سواه، وقوله تعالى: ﴿وأن﴾ مخففة من الثقيلة، أي: وأنه ﴿لا إله إلا هو﴾ وحده وأن توحيده واجب والإشراك به ظلم عظيم ﴿فهل أنتم مسلمون﴾ أي: ثابتون على الإسلام راسخون مخلصون فيه إذ تحقق عندكم إعجازه مطلقاً. وقيل: الخطاب للمشركين والضمير في لم يستجيبوا لمن استطعتم، أي: فإن لم يستجب لكم من تدعونه من دون الله إلى المظاهرة على معارضته لعلمهم بالعجز عنه، وأنّ طاقتهم أقصر من أن تبلغه فاعلموا أنه منزل من عند الله، وأنّ ما دعاكم إليه من التوحيد حق، فهل أنتم بعد هذه الحجة القاطعة مسلمون، أي: أسلموا وفي مثل هذا الاستفهام إيجاب بليغ لما فيه من معنى الطلب والتنبيه على قيام الموجب وزوال العذر..
(٣/١١٥)
واختلف في سبب نزول قوله تعالى:
﴿من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها﴾ أي: بعمله الذي يعمل من أعمال البرّ ﴿نوف إليهم أعمالهم﴾ أي: التي عملوها من خير كصدقة وصلة رحم ﴿فيها﴾ أي: في الدنيا ﴿وهم فيها لا يبخسون﴾ أي: نوصل إليهم أجور أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا وهو ما يرزقون فيها من الصحة والرياسة وسعة الرزق وكثرة الأولاد ونحو ذلك.


الصفحة التالية
Icon