﴿مثل﴾ أي: صفة ﴿الفريقين﴾ أي: الكفار والمؤمنين ﴿كالأعمى والأصم﴾ هذا مثل الكافر شبه بالأعمى لتعاميه عن آيات الله، وبالأصم لتصامه عن استماع كلام الله تعالى وتأبيه عن تدبر معانيه ﴿والبصير والسميع﴾ هذا مثل المؤمن شبه بالبصير والسميع؛ لأنّ أمره بالضدّ من الكافر فيكون كل منهما مشبهاً باثنين باعتبار وصفين، أو يشبه الكافر بالجامع بين العمى والصمم والمؤمن بالجامع بين ضدّيهما على أن تكون الواو في الأصم وفي السميع لعطف الصفة على الصفة، بخلافه على التشبيه الأوّل فإنه لعطف الموصوف على الموصوف، ويعبر عنه بعطف الذات على الذات ﴿هل يستويان﴾ أي: هل يستوي الفريقان ﴿مثلاً﴾ أي: تشبيهاً لا يستويان، ويصح أن يكون مثلاً صفة لمصدر محذوف، أي: استواء مثلاً، وأن يكون حالاً من فاعل يستويان وقوله تعالى: ﴿أفلا تذكّرون﴾ فيه إدغام التاء في الأصل في الذال، أي: تتعظون بضرب الأمثال، والتأمّل فيها. وقرأ حفص وحمزة والكسائي بتخفيف الذال والباقون بالتشديد، وقد جرت عادة الله تعالى بأنه إذا أورد على الكفار أنواع الدلائل أتبعها بالقصص ليصير ذكرها مؤكداً لتلك الدلائل. وفي هذه السورة ذكر أنواعاً من القصص:
القصة الأولى: قصة نوح عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
(٣/١٢٤)
﴿ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه﴾ وقوله: ﴿إني لكم﴾ قرأه ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بفتح الهمزة، أي: بأني والباقون بكسرها على إرادة القول ﴿نذير مبين﴾ أي: بين النذارة أخوّف من العقاب لمن خالف أمر الله تعالى. وقوله:


الصفحة التالية
Icon