﴿واصنع الفلك﴾ أي: السفينة ﴿بأعيننا﴾ قال ابن عباس بمرأى منا. وقال مقاتل: بعلمنا. وقيل: بحفظنا. ﴿ووحينا﴾ أي: بأمرنا لك كيف تصنعها ﴿ولا تخاطبني في الذبن ظلموا﴾ أي: ولا تراجعني في الكفار، ولا تدعني في استدفاع العذاب عنهم ﴿إنهم مغرقون﴾ أي: محكوم عليهم بالإغراق فلا سبيل إلى كفه. وقيل: لا تخاطبني في ابنك كنعان وامرأتك راعلة فإنهما هالكان مع القوم، ويروى أنّ جبريل عليه السلام أتى نوحاً فقال: إنّ ربك يأمرك أن تصنع الفلك. قال: كيف أصنع ولست بنجار. قال: إنّ ربك يقول اصنع فإنك بأعيينا، فأخذ القدوم فجعل ينجر ولا يخطئ وصنعها فعملها مثل جؤجؤ الطير، وفي قوله تعالى:
(٣/١٣٣)
﴿ويصنع الفلك﴾ قولان: أحدهما: أنه حكاية حال ماضية، أي: في ذلك الوقت كان يصدق عليه أنه يصنع الفلك. الثاني: التقدير فأقبل يصنع الفلك فاقتصر على قوله ويصنع الفلك، ثم إنّ نوحاً عليه السلام أقبل على عملها وَلَهَى عن قومه وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ويهيئ عدّة الفلك من القار وغيره، وجعل قومه يمرّون عليه ويسخرون منه كما قال تعالى: ﴿وكلما مرّ عليه ملأ﴾ أي: جماعة ﴿من قومه سخروا منه﴾ أي: استهزؤوا به ويقولون يا نوح قد صرت نجاراً بعدما كنت نبياً، فأعقم الله أرحام نسائهم فلا يولد لهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: اتخذ نوح عليه السلام السفينة في سنتين وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع، وكانت من خشب الساج، وجعل لها ثلاثة بطون، فجعل في البطن الأوّل الوحوش والهوامّ، وفي البطن الأوسط الدوابّ وركب هو ومن معه البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد. وقال قتادة: كان في بابها في عرضها.


الصفحة التالية
Icon