(٣/١٣٨)
فيه، وأيضاً كتاب الله تعالى لم يدل عليه ولم يرد في ذلك خبر صحيح فالأولى ترك الخوض في ذلك. قال البغويّ: وروي أنّ بعضهم قال: إنّ الحية والعقرب أتيا نوحاً عليه السلام فقالتا احملنا معك، فقال: إنكما سبب البلاء فلا أحملكما فقالتا: احملنا فإنا نضمن لك أن لا نضر أحداً ذكرك. فمن قرأ حين يخاف مضرتهما ﴿سلام على نوح في العالمين﴾ (الصافات، ٧٩) لم يضراه. وقال الحسن: لم يحمل نوح في السفينة إلا ما يلد ويبيض، فأمّا ما يتولد من الطين من حشرات الأرض كالبق والبعوض فلم يحمل منها شيئاً.
﴿وقال﴾ نوح لمن معه ﴿اركبوا﴾ أي: صيروا ﴿فيها﴾ أي: السفينة وجعل ذلك ركوباً؛ لأنها في الماء كمركوب في الأرض، وقوله تعالى: ﴿بسم الله مجراها ومرساها﴾ متصل باركبوا حال من الواو في اركبوا، أي: اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين بسم الله وقت اجرائها وارسائها. قال الضحاك: كان نوح إذا أراد أن تجري السفينة قال: بسم الله جرت، وإذا أراد أن ترسو قال: بسم الله رست. وقرأ حفص وحمزة والكسائي بنصب الميم من جرت ورست، أي: جريها ورسوها وهما مصدران، والباقون بضم الميم من أجريت وأرسيت أي بسم الله إجراؤها وارساؤها وأمال الألف بعد الراء أبو عمرو وحفص وحمزة والكسائي محضة وورش بين اللفظين والباقون بالفتح، وذكروا في عامل الإعراب في بسم الله وجوهاً: الأول: اركبوا بسم الله، الثاني: ابدؤوا بسم الله، الثالث: بسم الله إجراؤها ﴿إنّ ربي لغفور رحيم﴾ أي: لولا مغفرته لفرطائكم ورحمته إياكم لما نجاكم. وقوله تعالى:
(٣/١٣٩)


الصفحة التالية
Icon