﴿وشروه﴾، أي: باعوه إذ قد يطلق لفظ الشراء على البيع يقال: شريت الشيء بمعنى بعته وإنما حمل هذا الشراء على البيع؛ لأنّ الضمير في (شروه) وفي ﴿كانوا فيه من الزاهدين﴾ يرجع إلى شيء واحد، وذلك أنّ إخوته زهدوا فيه فباعوه، وقيل: إنّ الضمير يعود إلى مالك بن ذعر وأصحابه، وعلى هذا يكون لفظ الشراء على بابه.
وقال محمد بن إسحاق: ربك أعلم أَإِخوته باعوه أم السيارة، واختلفوا في معنى قوله تعالى: ﴿بثمن بخس﴾ فقال الضحاك: ، أي: حرام، لأنّ ثمن الحرّ حرام وسمي الحرام بخساً؛ لأنه مبخوس البركة. وقال ابن مسعود: أي: زيوف، وقال عكرمة: أي: بثمن قليل، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿دراهم معدودة﴾ لأنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان أقل من أربعين درهما إنما كانوا يأخذون ما دونها عداً، فإذا بلغتها وهي أوقية وزنوها، واختلفوا في عدد تلك الدراهم فقال ابن عباس: كانت عشرين درهماً فاقتسموها درهمين درهمين، وعلى هذا لم يأخذ أخوه بنيامين شقيقه منها شيئاً، وقال مجاهد: كانت اثنتين وعشرين درهماً. وقال عكرمة: أربعين درهماً. ﴿وكانوا﴾، أي: إخوته ﴿فيه﴾، أي: يوسف ﴿من الزاهدين﴾ لأنهم لم يعلموا منزلته عند الله تعالى، ومعنى الزهد قلة الرغبة يقال: زهد فلان في كذا إذا لم يرغب فيه، وأصله القلة، يقال: رجل زهيد إذا كان قليل الطمع، وقيل: كانوا في الثمن من الزاهدين؛ لأنهم لم يكن قصدهم تحصيل الثمن، وإنما كان قصدهم تبعيد يوسف عن أبيه. وقيل: الضمير في كانوا للسيارة؛ لأنهم التقطوه، والملتقط للشيء متهاون به خائف من انتزاعه مستعجل في بيعه لا جرم باعوه بأوكس الأثمان.
(٣/٢٣٤)


الصفحة التالية
Icon