وقال الحسن: والله ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان قال تعالى: ﴿وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً﴾ (الإسراء، ٨٢) وقرأ حمزة والكسائي بالياء ليطابق قوله تعالى: ﴿يدبر الأمر﴾ والباقون بالنون وقرأ نافع وابن كثير بسكون الكاف، والباقون بالرفع ﴿إن في ذلك﴾، أي: الأمر العظيم الذي ذكرناه ﴿لآيات﴾، أي: دلالات ﴿لقوم يعقلون﴾، أي: يستعملون عقولهم بالتدبر والتفكر في الآيات الدالة على وحدانيته تعالى.
ولما ذكر تعالى الدلائل القاهرة الدالة على معرفة المبدأ ذكر بعده ما يدل على المعاد بقوله تعالى: ﴿وإن تعجب﴾، أي: يا أكرم الخلق من تكذيب الكفار لك بعد أن كنت تعرف عندهم بالصادق الأمين ﴿فعجب﴾، أي: فحقيق أن يتعجب منه ﴿قولهم﴾، أي: منكري البعث ﴿أئذا كنا تراباً﴾، أي: بعد الموت ﴿أئنا لفي خلق جديد﴾، أي: خلق بعد الموت كما كنا قبله، ولم يعلموا أنّ القادر على إنشاء الخلق وما تقدّم على غير مثال قادر على إعادتهم. وقيل: وإن تعجب من اتخاذ المشركين ما لا يضرّهم ولا ينفعهم آلهة يعبدونها مع إقرارهم بأنّ الله تعالى خلق السموات، والأرض، وهو يضر وينفع، وقد رأوا قدرة الله تعالى وما ضرب لهم به الأمثال فعجب قولهم ذلك، والعجب تغير النفس برؤية المستبعد في العادة، وقال المتكلمون: العجب هو الذي لا يعرف سببه، وذلك في حق الله تعالى محال؛ لأنه تعالى علام الغيوب لا تخفى عليه خافية، وقرأ أبو عمرو وخلاد والكسائي بإدغام الباء في الفاء، والباقون بالإظهار.
(٣/٣٥١)