﴿أولئك﴾، أي: الذين جمعوا أنواعاً من البعد من كل خير ﴿الذين كفروا بربهم﴾، أي: غطوا ما يجب إظهاره بسبب الاستهانة بالذي بدأ خلقهم، ثم رباهم بأنواع اللطف، فإذا أنكروا معادهم فقد أنكروا بدأهم ﴿وأولئك﴾ البعداء البغضاء ﴿الأغلال﴾ يوم القيامة ﴿في أعناقهم﴾ بسبب كفرهم، والغل: طوق من حديد تقيد به اليد في العنق، وقيل: المراد بالأغلال ذلهم وانقيادهم يوم القيامة كما يقاد الأسير الذليل بالغل، وقيل: إنهم مقيدون بالضلال لا يرجى فلاحهم. ﴿وأولئك﴾، أي: الذين لا خسارة أعظم من خسارتهم ﴿أصحاب النار هم فيها خالدون﴾، أي: ثابت خلودهم دائماً لا يخرجون منها ولا يموتون. ولما كان ﷺ يهدّدهم تارة بعذاب يوم القيامة وتارة بعذاب الدنيا، والقوم كلما هدّدهم بعذاب يوم القيامة أنكروا القيامة والبعث والحشر والنشر، وهو الذي تقدّم ذكره في الآية الأولى، وكلما هدّدهم بعذاب الدنيا قالوا له: فجئنا بهذا العذاب، وطلبوا منه إظهاره وإنزاله على سبيل الطعن وإظهار أنّ الذي يقول كلام لا أصل له نزل:
(٣/٣٥٣)
﴿ويستعجلونك﴾، أي: استهزاء وتكذيباً، والاستعجال طلب التعجيل، وهو تقديم الشيء قبل وقته الذي يقدر له ﴿بالسيئة﴾، أي: العذاب ﴿قبل الحسنة﴾، أي: الرحمة، وذلك أنّ مشركي مكة كانوا يقولون: اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذا أليم.
(٣/٣٥٤)


الصفحة التالية
Icon