(٣/٣٧٨)
﴿ويقول الذين كفروا﴾ من أهل مكة ﴿لولا﴾، أي: هلا ﴿أنزل عليه﴾، أي: على هذا الرسول ﴿آية﴾، أي: علامة بينة ﴿من ربه﴾، أي: المحسن إليه كالعصا واليد لموسى والناقة لصالح لنهتدي بها فنؤمن به وأمره الله تعالى أن يجيبهم بقوله: ﴿قل﴾، أي: لهؤلاء المعاندين ﴿إن الله يضل من يشاء﴾ إضلاله فلا تغني عنه الآيات شيئاً وإن أنزلت كل آية ﴿ويهدي﴾، أي: يرشد ﴿إليه﴾، أي: إلى دينه ﴿من أناب﴾، أي: رجع إليه كأبي بكر الصديق وغيره ممن تبعه من العشرة المشهود لهم بالجنة وغيرهم ولو حصلت آية واحدة فلا تشتغلوا بطلب الآيات ولكن تضرعوا إلى الله تعالى في طلب الهداية وقوله تعالى:
﴿الذين آمنوا﴾ بدل من أناب أو خبر مبتدأ محذوف ﴿وتطمئن﴾، أي: تسكن ﴿قلوبهم بذكر الله﴾، أي: أنساً به واعتماداً عليه ورجاءً منه أو بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق و الاضطراب من خشيته أو بذكر دلائله الدالة على وجوده أو بالقرآن الذي هو أقوى المعجزات وقال ابن عباس: يريد إذا سمعوا القرآن خشعت قلوبهم واطمأنت فإن قيل: قد قال الله تعالى في سورة الأنفال: ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾ (الأنفال، ٢) والوجل ضد الاطمئنان فكيف الجمع بين هاتين الآيتين؟ أجيب: بأنهم إذا ذكروا العقاب ولم يأمنوا أن يقدموا على المعاصي فهناك يحصل الوجل وإذا ذكروا وعده بالثواب والرحمة سكنت قلوبهم إلى ذلك وحينئذ حصل الجمع بينهما ﴿ألا بذكر الله﴾، أي: الذي له الجلال والإكرام لا بذكر غيره ﴿تطمئن﴾، أي: تسكن ﴿القلوب﴾ ويثبت اليقين فيها وقوله تعالى:
(٣/٣٧٩)


الصفحة التالية
Icon