﴿الر﴾ تقدّم الكلام عليها أول يونس وهود. وقوله تعالى: ﴿كتاب﴾ خبر لمبتدأ محذوف، أي: هذا القرآن كتاب، أو الر، إن قلنا: إنها مبتدأ والجملة بعده صفة، ويجوز أن يرتفع بالابتداء وخبره الجملة بعده وجاز الابتداء بالنكرة؛ لأنها موصوفة تقديراً، تقديره كتاب، أي: كتاب يعني عظيماً من بين الكتب السماوية ﴿أنزلناه إليك﴾ يا أشرف الخلق عند الله تعالى ﴿لتخرج الناس﴾، أي: عامة قومك وغيرهم بدعائك إياهم ﴿من الظلمات﴾، أي: الكفر وأنواع الضلالة ﴿إلى النور﴾، أي: الإيمان والهدى. قال الرازي: والآية دالة على أنّ طرق الكفر والبدع كثيرة وأنّ طريق الحق ليس إلا واحداً؛ لأنه تعالى قال: ﴿لتخرج الناس من الظلمات﴾ وهي صيغة جمع، وعبر عن الإيمان والهدى بالنور، وهو لفظ مفرد وذلك يدل على أنّ طرق الجهل والكفر كثيرة وأنّ طريق العلم والإيمان ليس إلا واحداً.
تنبيه: القائلون بأن معرفة الله تعالى لا يمكن تحصيلها إلا من تعليم الرسول، احتجوا بهذه الآية، وذلك يدلّ على أنّ معرفة الله تعالى لا تحصل إلا من طريق التعليم. وأجيب: بأنّ الرسول ﷺ كالمنبه وأمّا المعرفة فهي إنما تحصل من الدليل وقوله تعالى: ﴿بإذن ربهم﴾ متعلق بالإخراج، أي: بتوفيقه وتسهيله، ويبدل من إلى النور ﴿إلى صراط﴾، أي: طريق ﴿العزيز﴾، أي: الغالب ﴿الحميد﴾، أي: المحمود على كل حال المستحق لجميع المحامد، وفي قوله:
﴿الله﴾ قراءتان، فقرأ نافع وابن عامر برفع الهاء وصلاً وابتداء على أنه مبتدأ خبره ﴿الذي له ما في السموات وما في الأرض﴾، أي: ملكااً وخلقاً، وقرأ الباقون بالجرّ على أنه بدل أو عطف بيان وما بعده صفة.
(٣/٤٠٢)