وغيرذلك مما يوقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، وأن لا يسوّى بين الفريقين في المعاد اه. قال الرازي: وأما قول «الكشاف» فهو من باب الظلمات؛ لأنّ هذا التبعيض إن حصل فلا حاجة إلى ذكر هذا الجواب، وإن لم يحصل كان هذا الكلام فاسداً. ﴿ويؤخركم﴾، أي: ولا يفعل بكم فعل من تعهدون من الملوك في المعاجلة في الإهلاك لمن خالفهم بل يؤخركم. ﴿إلى أجل مسمى﴾، أي: إلى وقت قد سماه وبين مقداره يبلغكموه إن أنتم آمنتم به، وإلا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت إن أنتم ما آمنتم. فإن قيل: أليس قال تعالى: ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾ (الأعراف، ٣٤)
فكيف قال هنا: ﴿ويؤخركم إلى أجل مسمى﴾ (إبراهيم، ١٠)
؟ أجيب: بأنّ الأجل على قسمين: معلق ومبرم.Y
﴿قالوا﴾، أي: الأمم مجيبين للرسل. ﴿إن﴾، أي: ما ﴿أنتم﴾ أيها الرسل ﴿إلا بشر مثلنا﴾، أي: لا فضل لكم علينا فلم تخصون بالنبوّة دوننا ولو أرسل الله تعالى إلى البشر رسلاً لجعلهم من جنس، أي: من البشر في زعم القائلين أفضل، وقول «الكشاف»: وهم الملائكة جار على مذهبه. ﴿تريدون أن تصدّونا عما كان يعبد آباؤنا﴾، أي: ما تريدون بقولكم هذا إلا صدّنا عن آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ﴿فأتونا بسلطان مبين﴾، أي: بحجة ظاهرة على صدقكم. ولما حكى الله تعالى عن الكفار شبهاتهم في الطعن في النبوّة حكى عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جوابهم عنها بقوله تعالى:
﴿قالت لهم رسلهم﴾ مجيبين لهم ﴿إن﴾، أي: ما ﴿نحن إلا بشر مثلكم﴾ كما قلتم، فسلموا أنّ الأمر كذلك لكنهم بينوا أنّ التماثل في البشرية لا يمنع من اختصاص بعض بمنصب النبوّة بقولهم ﴿ولكنّ الله يمنّ﴾ أي: يتفضل ﴿على من يشاء من عباده﴾ بالنبوّة والرسالة فيصطفي من يشاء من عباده لهذا المنصب العظيم الشريف، كما قال تعالى: ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾ (الأنعام، ١٢٤)
(٣/٤١٣)


الصفحة التالية
Icon