تنبيه: يحتمل أن يكون هذا من كلام المتبوعين، وأن يكون كلام الفريقين، ويؤيد الثاني ما روي أنهم يقولون في النار: تعالوا نجزع فيجزعون خمسمئة عام فلا ينفعهم الجزع، فيقولون: تعالوا نصبر، فيصبرون خمسمئة عام فلا ينفعهم الصبر، فعند ذلك يقولون ذلك. وقال محمد بن كعب القرظي: بلغني أنّ أهل النار استغاثوا بالخزنة كما قال الله تعالى: ﴿وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب﴾ (غافر، ٤٩)
فردّت الخزنة عليهم: ﴿أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى﴾ (غافر، ٥٠)
فردّت الخزنة عليهم: ﴿ادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال﴾ (غافر، ٥٠)
فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا: ﴿يا مالك ليقض علينا ربك﴾ (الزخرف، ٧٧)
سألوا الموت فلا يجيبهم ثمانين سنة والسنة ثلاثمائة وستون يوماً واليوم ﴿كألف سنة مما تعدون﴾ (الحج، ٤٧)
ثم يجيبهم بقوله: ﴿إنكم ما كثون﴾. فلما أيسوا مما عنده، قال بعضهم لبعض ذلك. ولما ذكر تعالى المناظرة التي وقعت بين الرؤوساء والأتباع من كفرة الإنس أردفها بالمناظرة التي وقعت بين الشيطان وبين أتباعه بقوله تعالى:
﴿وقال الشيطان﴾ الذي هو أوّل المتبوعين في الضلال ورأس المضلين والمستكبرين ﴿لما قضي الأمر﴾، أي: أحكم وفرغ منه، وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار أخذ أهل النار في لوم إبليس وتقريعه وتوبيخه، فيقوم فيهم خطيباً. قال مقاتل: يوضع له منبر من نار، فيجتمع أهل النار إليه يلومونه، فيقول لهم ما أخبر الله تعالى بقوله: ﴿إنّ الله وعدكم وعد الحق﴾، أي: بالبعث والجزاء على الأعمال فصدقكم ﴿ووعدتكم﴾ أن لا جنة ولا نار ولا حشر ولا حساب ﴿فأخلفتكم﴾، أي: الوعد، فلم أقل شيئاً إلا كان زيفاً، فاتبعتموني مع كوني عدوّكم، وتركتم ربكم وهو وليكم.
(٣/٤٢٣)


الصفحة التالية
Icon