. ثم دعا لمن تبعه في الدين من ذريته وغيرهم بقوله ﴿وللمؤمنين﴾، أي: العريقين في هذا الوصف ﴿يوم يقوم﴾، أي: يبدو ويظهر ﴿الحساب﴾ وقيل: أراد يوم يقوم الناس فيه للحساب، فاكتفى بذكر الحساب لكونه مفهوماً عند السامع، وهذا دعاء للمؤمنين بالمغفرة، والله تعالى لا يردّ دعاء خليله إبراهيم عليه السلام، وفيه بشارة عظيمة للمؤمنين بالمغفرة، فنسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولأحبابنا ولمن نظر في هذا التفسير، ودعا لمن كان سبباً فيه بالمغفرة. ولما بيّن تعالى دلائل التوحيد، ثم حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه طلب من الله تعالى أن يصونه عن الشرك، وطلب منه أن يوفقه للأعمال الصالحة، وأن يخصه بالرحمة والمغفرة في يوم القيامة عقبه بقوله تعالى مخاطبة لنبيه صلى الله عليه وسلم
(٣/٤٤٨)
﴿ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون﴾؛ لأنّ الغفلة معنى يمنع الإنسان عن الوقوف على حقائق الأمور، وقيل: حقيقة الغفلة سهو يعتري الإنسان من قلة التحفظ والتيقظ، وهذا في حق الله تعالى محال، والمقصود من ذلك التنبيه على أنه ينتقم للمظلوم من الظالم، ففيه وعيد وتهديد للظالم، وإعلام له بأنه لا يعامله معاملة الغافل عنه بل ينتقم ولا يتركه مغفلاً عنه، وعن سفيان بن عيينة فيه تسلية للمظلوم وتهديد للظالم، فقيل له: من قال هذا؟ فغضب، وقال: إنما قاله من علمه.
فإن قيل: كيف يليق به ﷺ أن يحسب الله موصوفاً بالغفلة وهو أعلم الناس به؟ أجيب: بوجوه: الأوّل: أنّ المراد به التثبت على ما كان عليه من أنه لا يحسب الله غافلاً كقوله: ﴿لا تدع مع الله إلهاً آخر﴾ (القصص، ٨٨)


الصفحة التالية
Icon