﴿قالوا بشرناك بالحق﴾ قال ابن عباس: يريدون بما قضاه الله تعالى والمعنى أنّ الله تعالى قضى أن يخرج من صلب إبراهيم إسحاق ويخرج من صلب إسحاق ذرية مثل ما أخرج من صلب آدم وقولهم: ﴿فلا تكن﴾ أي: بسبب تبشيرنا ﴿من القانطين﴾ أي: الآيسين، نهي لإبراهيم عليه السلام عن القنوط ونهي الإنسان عن الشيء لا يدل على كونه فاعلاً للمنهي عنه، كما في قوله تعالى: ﴿ولا تطع الكافرين والمنافقين﴾ (الأحزاب، ١)
ثم حكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام أنه
(٣/٤٩٢)
﴿قال ومن يقنط﴾ أي: ييأس من هذا اليأس. ﴿من رحمة ربه﴾ أي: الذي لم يزل إحسانه عليه ﴿إلا الضالون﴾ أي: المخطئون طريق الاعتقاد الصحيح في ربهم من تمام القدرة وأنه لا تضره معصية ولا تنفعه طاعة وقرأ أبو عمرو والكسائي بكسر النون والباقون بفتحها ولما تحقق عليه السلام البشرى ورأى إتيانهم مختفين على غير الصفة التي يأتي عليها الملك للوحي وكان هو وغيره من العارفين بالله عالمين بأنه ما ينزل الملك إلا بالحق كان ذلك سبباً لأن يسألهم عن أمرهم ليزول وجله كله ولذلك
﴿قال﴾ عليه السلام ﴿فما﴾ بفاء السبب ﴿خطبكم﴾ أي: شأنكم. قال أبو حيان: والخطب لا يكاد يقال إلا في الأمر الشديد اه. وقال الرماني: إنه الأمر الجليل. ﴿أيها المرسلون﴾ فإنكم ما جئتم إلا لأمر عظيم يكون فصلاً بين هالك وناج.
﴿قالوا إنا أرسلنا﴾ أي: أرسلنا العزيز الحكيم الذي أنت أعرف الناس في هذا الزمان به ﴿إلى﴾ إهلاك ﴿قوم﴾ أي: ذوي منعة ﴿مجرمين﴾ أي: كافرين وهم قوم لوط وقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon