﴿وإنها﴾ أي: هذه المدائن ﴿لبسبيل﴾ أي: طريق قريش إلى الشأم ﴿مقيم﴾ أي: لم يندرس بل يشاهدون ذلك ويرون أثره أفلا يعتبرون. ثم قال سبحانه وتعالى مشيراً إلى زيادة الحث على الاعتبار بالتأكيد
﴿إنّ في ذلك﴾ أي: هذا الأمر العظيم ﴿لآية﴾ أي: علامة عظيمة في الدلالة على وحدانيته تعالى ﴿للمؤمنين﴾ أي: كل من آمن بالله وصدّق الأنبياء والرسل عرف أنّ ذلك إنما كان لأجل أنّ الله تعالى انتقم لأنبيائه من أولئك الجهال، أمّا الذين لا يؤمنون بالله فإنهم يحملونه على حوادث العالم ووقائعه، ثم ذكر تعالى القصة الثالثة وهي قصة شعيب عليه السلام بقوله تعالى:
﴿وإن﴾ مخففة من الثقيلة، أي: وإنه ﴿كان﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿أصحاب الأيكة﴾ وهم قوم شعيب عليه السلام وقد ذكر الله تعالى قصتهم في سورة الشعراء والأيكة الشجر المتكاثف وقيل الشجر الملتف وقال ابن عباس: هي شجر المقل. وقال الكلبي: الأيكة الغيضة، أي: غيضة شجر بقرب مدين. ﴿لظالمين﴾ أي: عريقين في الظلم بتكذيبهم شعيباً عليه السلام.
(٣/٤٩٨)
﴿فانتقمنا منهم﴾ أي: بسبب ذلك قال المفسرون: اشتدّ الحرّ فيهم أياماً ثم اضطرم عليهم المكان ناراً فهلكوا عن آخرهم وقوله تعالى: ﴿وإنهما﴾ فيه قولان: الأوّل: أن المراد قرى قوم لوط والأيكة. والقول الثاني: أنّ الضمير للأيكة ومدين، لأنّ شعيباً كان مبعوثاً إليهما فلما ذكر الأيكة دل بذكرها على مدين فجاء ضميرهما ﴿لبإمامٍ﴾ أي: طريق ﴿مبين﴾ أي: واضح والإمام اسم لما يؤتم به. قال الفراء: إنما جعل الطريق إماماً لأنه يؤم ويتبع وقال ابن قتيبة: لأنّ المسافر يأتم به حتى يصل إلى الموضع الذي يريده ثم ذكر تعالى القصة الرابعة وهي قصة صالح عليه السلام بقوله تعالى:
(٣/٤٩٩)


الصفحة التالية
Icon