وقوله تعالى: ﴿الذين جعلوا القرآن عضين﴾ نعت للمقتسمين وقال ابن عباس: هم اليهود والنصارى جزؤوا القرآن أجزاء فآمنوا بما وافق التوراة والإنجيل وكفروا بالباقي. وقال مجاهد: قسموا كتاب الله ففرقوه وبدّدوه، وقيل: كانوا يستهزؤون به فيقول بعضهم: سورة البقرة لي، ويقول بعضهم: سورة آل عمران لي. وقيل: اقتسموا القرآن فقال بعضهم: سحر. وقال بعضهم: شعر. وقال بعضهم: كذب. وقال بعضهم: أساطير الأوّلين. وقيل: هم أهل الكتاب آمنوا ببعض كتبهم وكفروا ببعض على أنّ القرآن ما يقرؤونه من كتبهم فيكون ذلك تسلية لرسول الله ﷺ عن صنيع قومه بالقرآن وتكذيبهم وقولهم سحر وشعر وأساطير الأوّلين بأنّ غيرهم من الكفرة فعلوا بغيره من الكتب نحو فعلهم.l
تنبيه: عضين جمع عضة وهي الفرقة والعضين الفرق وتقدّم معنى جعلهم القرآن كذلك وقيل: العضة السحر بلغة قريش يقولون هو عاضه وهي عاضهة. وفي الحديث: «لعن رسول الله ﷺ العاضهة والمستعضهة»، أي: الساحرة والمستسحرة وقيل: هو من العضه وهو الكذب والبهتان، يقال: عضهه عضها وعضيهة، أي: رماه بالبهتان وقيل: جمع عضو مأخوذ من قولهم: عضيت الشيء أعضيه إذا فرقته وجعلته أجزاء وذلك أنهم جعلوا القرآن أعضاء مفرقة فقال بعضهم: سحر. وقال بعضهم: أساطير الأوّلين. ثم أقسم سبحانه وتعالى بنفسه على أنه يسأل هؤلاء المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين بقوله تعالى: ﴿فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون﴾ فيكون الضمير عائداً على المقتسمين لأنه الأقرب ويحتمل أن يعود على جميع المكلفين لأنّ ذكرهم تقدّم في قوله تعالى: ﴿وقل إني أنا النذير المبين﴾ (الحجر، ٨٩)
(٤/٧)


الصفحة التالية
Icon