وفسر قتادة الآية بالسوس في النبات والدود في الفواكه وفسرها بعضهم بما أعدّ الله تعالى لأهل الجنة في الجنة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ولما شرح الله تعالى دلائل التوحيد قال تعالى:
﴿وعلى الله﴾ أي: الذي له الإحاطة بكل شيء ﴿قصد السبيل﴾ أي: بيان الطريق المستقيم إنما ذكرت هذه الدلائل وشرحها إزاحة للعذر وإزالة للعلة ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة والمراد بالسبيل الجنس ولذلك أضاف إليها القصد. وقال: ﴿ومنها﴾ أي: السبيل ﴿جائر﴾ أي: حائد عن الاستقامة. فإن قيل: هذه الآية تدلّ على أنّ الله تعالى يجب عليه الإرشاد والهداية إلى الدين وإزاحة العلل والأعذار كما قال به المعتزلة لأنه تعالى قال: ﴿وعلى الله قصد السبيل﴾. وكلمة على للوجوب. قال تعالى: ﴿ولله على الناس حج البيت﴾ (آل عمران، ٩٧)
أجيب: بأنّ المراد على الله تعالى بحسب الفضل والكرم أن يبين الدين الحق والمذهب الصحيح. فإن قيل: لم غير أسلوب الكلام حيث قال في الأوّل: ﴿وعلى الله قصد السبيل﴾. وفي الثاني: ﴿ومنها جائر﴾ دون وعليه جائر؟ أجيب: بأنّ المقصود بيان سبيله وتقسيم السبيل إلى القصد والجائر إنما جاء بالعرض. ثم قال تعالى: ﴿ولو شاء﴾ هدايتكم ﴿لهداكم﴾ إلى قصد السبيل ﴿أجمعين﴾ فتهتدون إليه باختيار منكم. قال الرازي: وهذا يدلّ على أنّ الله تعالى ما شاء هداية الكفار وما أراد منهم الإيمان لأنّ كلمة لو تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره. ولما ذكر تعالى نعمه على عباده بخلق الحيوانات لأجل الانتفاع والزينة عقبه بذكر إنزال المطر لأنه من أعظم النعم على عباده فقال:
(٤/٢١)


الصفحة التالية
Icon