ثم إنه تعالى ذكر بعض النعم التي خلقها الله تعالى في الأرض بقوله تعالى: ﴿وألقى في الأرض رواسي﴾ أي: جبالاً ثوابت ﴿أن تميد﴾ أي: كراهة أن تميل وتضطرب ﴿بكم﴾ وقيل: لئلا تميل بكم والأوّل قدره البصريون والثاني قدّره الكوفيون، وقد تقدّم مثل ذلك في قوله تعالى: ﴿يبين الله لكم أن تضلوا﴾ (النساء، ١٧٦)
. روي أن الله تعالى خلق الأرض فجعلت تمور فقالت الملائكة: ما هي بمقرّ أحد على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت وقوله تعالى: ﴿وأنهاراً﴾ عطف على رواسي لأنّ الإلقاء بمعنى الخلق والجعل. ألا ترى أنه تعالى قال في آية أخرى: ﴿وجعل فيها رواسي من فوقها﴾ (فصلت، ١٠)
. وقال تعالى: ﴿وألقيت عليك محبة مني﴾ (طه، ٣٩)
. وذكر تعالى الأنهار بعد الجبال لأن معظم عيون الأنهار وأصولها تكون من الجبال. ﴿و﴾ جعل لكم فيها ﴿سبلاً﴾ أي: طرقاً مختلفة تسلكون فيها في أسفاركم والتردّد في حوائجكم من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان ﴿لعلكم تهتدون﴾ أي: بتلك السبل إلى مقاصدكم وإلى معرفة الله تعالى فلا تضلون.
(٤/٢٨)