أي: ممن رأوا آثارهم في ديارهم ﴿فأتى الله﴾ أي: أمره ﴿بنيانهم من القواعد﴾ أي: من جهة العمد التي بنوا عليها مكرهم ﴿فخرّ﴾ أي: سقط ﴿عليهم السقف من فوقهم﴾ وصار سبب هلاكهم وقرأ أبو عمرو في الوصل بكسر الهاء والميم وحمزة والكسائي بضم الهاء والميم. والباقون بكسر الهاء وضم الميم. وأمّا الوقف فحمزة بضم الهاء على أصله والباقون بالكسر. ﴿وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون﴾ أي: من جهة لا تخطر ببالهم وهذا على سبيل التمثيل، أي: التشبيه والتخييل لإفساد ما أبرموه من المكر بالرسل فجعل الله هلاكهم فيما أبرموه كحال قوم بنوا بنياناً وعمدوه بالأساطين فأتى البنيان من الأساطين بأن تضعضعت فسقط عليهم السقف فهلكوا نحوه من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً، وقيل: هو نمروذ بن كنعان حين بنى الصرح ببابل ليصعد إلى السماء قال ابن عباس: كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراع. وقال كعب: كان طوله فرسخين فأهب الله تعالى الريح فألقت رأسه في البحر وخرّ عليهم الباقي وهم تحته قال البغوي: ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس يومئذ من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لساناً فلذلك سميت بابل وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية فذلك قوله تعالى: ﴿فأتى الله بنيانهم من القواعد﴾ أي: أتى أمره فخرب بنيانهم من أصلها فخرّ عليه وعلى قومه السقف، أي: أعلى البيوت من فوقهم فهلكوا. تنبيه: قال ابن الخازن في قول البغوي: وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية نظر لأنّ صالحاً عليه السلام كان قبلهم وكان يتكلم بالعربية وكان أهل اليمن عرباً منهم جرهم الذين نشأ إسماعيل بينهم وتعلم منهم العربية وكان ببابل من العرب طائفة قديمة قبل إبراهيم عليه السلام انتهى. وقد يقال: إنه كان لسان أكثر الناس بالسريانية فلا ينافي ذلك. فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: ﴿فخرّ عليهم السقف من فوقهم﴾ والسقف من فوقهم؟ أجيب: بأنهم قد لا يكونون تحته فلما قال تعالى: ﴿فخرّ عليهم السقف من فوقهم﴾ دل


الصفحة التالية
Icon