﴿للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة﴾ أي: حياة طيّبة أو أنّ للذين أتوا بالأعمال الصالحات الحسنة لهم ثوابها حسنة مضاعفة من الواحدة إلى العشرة إلى السبعمائة إلى أضعاف كثيرة، أو أنه تعالى بيّن أنّ اعترافهم بذلك الإحسان في هذه الدنيا حسنة أي: جزاء لهم على إحسانهم ﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾ (الرخمن، ٦٠)
ولما كانت هذه الدار سريعة الزوال أخبر عن حالهم في الآخرة فقال: ﴿ولدار الآخرة﴾ أي: الجنة ﴿خير﴾ أي: ما أعدّ الله لهم في الجنة خير مما حصل لهم في الدنيا، ثم مدحها ومدحهم بقوله تعالى: ﴿ولنعم دار المتقين﴾ أي: دار الآخرة، فحذف لتقدّم ذكرها وقال الحسن: هي الدنيا لأنّ أهل التقوى يتزوّدون فيها للآخرة.
وقوله تعالى: ﴿جنات﴾ أي: بساتين ﴿عدن﴾ أي: إقامة خبر مبتدأ محذوف ويصح أن يكون المخصوص بالمدح ﴿يدخلونها﴾ أي: تلك الجنات حالة كونها ﴿تجري من تحتها﴾ أي: من تحت غرفها ﴿الأنهار﴾ ثم كأنّ سائلاً سأل عما فيها من الثمار وغيرها. فأجيب بأنّ ﴿لهم فيها ما يشاؤون﴾ أي: ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، مع زيادات غير ذلك، فهذه الآية تدل على حصول كل الخيرات والسعادات فهي أبلغ من قوله تعالى: ﴿وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين﴾ (الزخرف، ٧١)
لأن هذين القسمين داخلان في قوله تعالى: ﴿لهم فيها ما يشاؤون﴾ مع أقسام أخرى وعلى أنّ الإنسان لا يجد كل ما يريده في الدنيا، لأنّ قوله: ﴿لهم فيها ما يشاؤون﴾ يفيد الحصر ﴿كذلك﴾ أي: مثل هذا الجزاء العظيم ﴿يجزي الله﴾ أي: الذي له الكمال كله ﴿المتقين﴾ أي: الراسخين في صفة التقوى، ثم حث تعالى على ملازمة التقوى بالتنبيه على أنّ العبرة بحال الموت فقال:
(٤/٤٣)


الصفحة التالية
Icon