﴿هل ينظرون إلاأن تأتيهم الملائكة﴾ لقبض أرواحهم. وقرأ حمزة والكسائي بالياء على التذكير والباقون بالتاء على التأنيث وتقدّم توجيه ذلك ﴿أو يأتي أمر ربك﴾ أي: يوم القيامة وقيل: العذاب. وقيل: إنهم طلبوا من النبيّ ﷺ أن ينزل الله تعالى ملكاً من السماء يشهد على صدقه في ادّعاء النبوّة فقال تعالى: ﴿هل ينظرون﴾ في التصديق بنبوّتك إلا أن تأتيهم الملائكة شاهدين بذلك. وعلى كلا التقديرين، فقد قال تعالى: ﴿كذلك﴾ أي: مثل ما ﴿فعل﴾ هؤلاء هذا الفعل البعيد الشنيع فعل ﴿الذين من قبلهم﴾ من الأمم السالفة، كذبوا رسلهم فأهلكوا ﴿وما ظلمهم الله﴾ باهلاكهم بغير ذنب. ﴿ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ بكفرهم وتكذيبهم للرسل فاستوجبوا ما نزل بهم ﴿فأصابهم﴾ أي: فتسب عن ظلمهم لأنفسهم أن أصابهم ﴿سيئات﴾ أي: عقوبات أو جزاء سيئات ﴿ما عملوا وحاق﴾ أي: نزل ﴿بهم ما كانوا به يستهزؤون﴾ تكبراً عن قبول الحق فحاق بهم جزاؤه، والحيق لا يستعمل إلا في الشر. وقرأ حاق حمزة بالإمالة والباقون بالفتح.
(٤/٤٥)
﴿وقال الذين أشركوا﴾ للنبيّ ﷺ استهزاء ومنعاً للبعثة والتكليف ﴿لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا﴾ لأنهم اعتقدوا أن كون الأمر كذلك يمنع من جواز بعثة الرسل وهو اعتقاد باطل، فلذلك استحقوا عليه الذم والوعيد ثم قالوا لهم: ﴿ولا حرّمنا من دونه من شيء﴾ أي: من السوائب والبحائر والحامي فهو راض به وبمشيئته وحينئذ فلا فائدة في مجيئك وفي إرسالك وهذا عين ما حكاه الله تعالى عنهم في سورة الأنعام في قوله تعالى: ﴿سيقول الذين أشركوا لو شاء الله﴾ (الأنعام، ١٤٨)


الصفحة التالية
Icon